شهدت الهدنة التي دعا إليها الوسيط الدولي المشترك في الأزمة السورية الأخضر الإبراهيمي بمناسبة عيد الأضحى المبارك عدة خروقات عنيفة أدت إلى سقوط المزيد من القتلى في مختلف أنحاء سوريا، مما يهدد بانهيارها في أية لحظة. فقد واصلت مدفعية الجيش السوري، أمس، قصفها لعدد من المدن السورية من جهة وواصلت المعارضة المسلحة هجماتها من جهة ثانية، مما أدى إلى مقتل عشرات الأشخاص في ثاني يوم لهدنة كان السيد الإبراهيمي قد انتزعها بشق الأنفس وعلقت عليها آمال كبيرة لوقف حمام الدم المستمر في سوريا. وتقاذف الطرفان الاتهامات حول المتسبب في هذه الانتهاكات والخروقات، حيث حاول كل جانب إلقاء المسؤولية على الجانب الآخر بالزعم إنه حافظ فقط على حقه في الرد على أي هجوم يستهدفه. وقتل ما لا يقل عن 175 شخصا منذ بدء سريان مفعول الهدنة رسميا منتصف نهار الجمعة الذي صادف أول أيام العيد، الذي شهد لوحده مقتل 146 شخصا على الأقل في حصيلة تخطت معدل المائة قتيل على غرار ما يحصل كل يوم منذ تحولت الاحتجاجات إلى نزاع مسلح خلال الأشهر الأخيرة. نفس المشهد الدامي شهده أمس، حيث شن الطيران الحربي السوري غارات جوية أسفرت عن سقوط ثمانية قتلى فيما واصلت المعارضة المسلحة هجماتها في عدة مناطق مما تسبب في نشوب المزيد من المعارك بين قوات الجانبين راح ضحيتها 29 قتيلا. وراحت قيادة الجيش السوري النظامي كعادتها تتهم من تصفهم ب “المجموعات الإرهابية المسلحة” في إشارة إلى المعارضين المسلحين بالاعتداء على بعض المواقع العسكرية.وقالت في بيان أصدرته، أمس، إنه تم خرق إعلان إيقاف العمليات العسكرية الذي التزمت به القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة، مشيرة -في الوقت نفسه- إلى أن “مجموعات إرهابية” أقدمت على إطلاق النار على حواجز الجيش في حلبية والجبيلة والسياسية بمنطقة دير الزور ودرعا وحمص وغيرها من المناطق المتوترة. وأكدت أنه “تطبيقا لنص البيان الصادر عن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة تقوم وحدات الجيش بالتعامل مع هذه الخروقات والرد على مصادر النيران والتصدي للعصابات المسلحة وملاحقة فلولها”. وتعهدت كل من السلطات السورية والمعارضة بالالتزام بالهدنة التي دعا إليها الوسيط الدولي المشترك السيد الأخضر الإبراهيمي بمناسبة عيد الأضحى المبارك، الذي يستمر أربعة أيام، لكن الطرفين قالا إنهما يحتفظان بحق الرد إذا ما انتهك الطرف الخصم وقف إطلاق النار. وكان الإبراهيمي قد قال لدى إعلانه على موافقة الإطراف السورية على الهدنة إنه “إذا نجحت هذه المبادرة المتواضعة لوقف النار نأمل أن نتمكن من البناء عليها وتحقيق وقف إطلاق نار أمتن وأوسع نطاقا في إطار عملية سياسية كاملة”. من جانبه، أعرب ديريك بلامبلي، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان عن أمله في التزام الأطراف في سوريا بقرار الهدنة خلال أيام عيد الأضحى المبارك مؤكدا أن نجاح الهدنة قد يؤدي إلى بناء عمليات سياسية أخرى في هذا المجال. وعبر بلامبلي، أمس، عن قلقه من آثار الأزمة السورية على لبنان، مؤكدا أن هناك وحدة شاملة في مجلس الأمن بضرورة حماية لبنان في هذه الظروف. كما دعت الولاياتالمتحدة الأطراف المتصارعة في سوريا إلى احترام وقف إطلاق النار، وقالت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية إن هناك تقارير تفيد باندلاع موجة العنف مره أخرى في سوريا رغم نداءات وقف إطلاق النار والتعهدات بوقفها. من جانبها، جددت لجنة أمن الدولة التي يتزعمها رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي دعمها للجهود الدولية الهادفة للتوصل إلى حل سلمي للنزاع في سوريا يتجاوب وتطلعات الشعب السوري إلى الديمقراطية ويحترم حقوق الإنسان والأقليات.