بات مرضا السمنة والسكري في مقدمة الأمراض التي تواجه القطاع الصحي في الجزائر، رغم الإجراءات التي يتم اتخاذها للحد من انتشارهما، فالإحصاءات المعلنة تشير إلى خطورة بالغة لابد من التصدي لها بجميع الوسائل الممكنة، خاصة بعدما تجاوز معدل الإصابة بالسمنة بين المواطنين 51 بالمائة، فيما تصل النسبة عند الأطفال 30 بالمائة. يعتبر مرض السكري من الأمراض المزمنة واسعة الانتشار عالميا، وهو يشكل عبئا وتحديا كبيرا على مؤسسات الرعاية الصحية، حيث تشير أرقام منظمة الصحة العالمية إلى إصابة أكثر من 220 مليون نسمة في جميع أنحاء العالم بهذا المرض ويتوقع أن يزداد هذا العدد بنسبة تفوق الضعفين بحلول عام 2030 ما لم تتخذ الإجراءات اللازمة للحد من ذلك. ويحتفل في 14 نوفمبر من كل عام ب«اليوم العالمي للسكري» بهدف رفع مستوى الوعي بهذا المرض، ولتكثيف الجهود للتقليل والحد من مضاعفاته على صحة الأفراد. والجزائر تحيي هي الأخرى على غرار بقية دول العالم هذا اليوم بتكثيف الحملات التحسيسية لصالح المرضى لكي يأمنوا ضرر الداء، ولتفادي الإصابة به عند عموم المواطنين عن طريق اتباع أسلوب حياة صحي وسليم. ويحذّر عدد من المختصين في طب الأطفال والقلب والأوعية من المضاعفات الصحية الخطيرة من تناول الوجبات المشبعة بالدهون ومن البيتزا والشيبس والسكريات وكذلك خطر المشاهدة المطولة للتلفزيون. ودعت المختصة في مرض السكري الدكتورة فريدة لاسيت في حديث مع «المساء» إلى أهمية إرشاد الأطفال وتوجيههم فيما يخص الحفاظ على صحتهم: «أصبحنا نلاحظ اليوم تفشيا مقلقا للأمراض المزمنة عند الصغار على غرار السكري والسمنة التي تتحول بدورها إلى أمراض ومشاكل صحية إذا ما خزّنت في الجسم في غياب نقص الحركة وانعدام ممارسة الرياضة والوجبات الغذائية السريعة». وتضيف المختصة محملة الأولياء المسؤولية الكاملة في تدهور صحة الأطفال «لا أفهم حقيقة كيف يتساهل الأولياء مع رغبات أطفالهم في تناول البيتزا ورقاقات البطاطا المملحة والسكريات، وكأنهم لا يدركون مخاطر كل ذلك، كما لا أفهم ماذا يستفيدون من متابعة الفضائيات الكثيرة، هذه الأخيرة تظهر جديد الدراسات الصحية ومخاطر الأكل السريع! رغم ذلك تزداد هذه الظاهرة استفحالا وسط الأطفال وإذا استمر الوضع على حاله فستظهر أجيال كاملة مصابة بالسكري فالأطفال هم الفئة الأكثر تعرضا للإصابة بالسكري، فوجود 80 ألف طفل مصاب بالسكري في الجزائر هذا رقم كبير». تؤكد المختصة التي ترى أنه من العوامل الأخرى هناك قلة الحركة بين الأطفال والشباب خاصة مع انخفاض المساحة الزمنية المخصصة للحصص الرياضية بالمدارس واستبدالها بالحصص الدراسية، إضافة لوجود كم هائل من الواجبات الدراسية التي لا تترك مجالا لمزاولة الأطفال لأي نشاط رياضي بعد الانتهاء منها. وفي هذا المجال، شددت المختصة على الأولياء ضرورة عدم ترك أطفالهم لساعات طويلة أمام التلفاز نظرا لما تخلفه هذه الظاهرة من مضاعفات صحية على الجسم كالسمنة وخلل في البصر جراء إشعاعات التلفزيون، مؤكدة أن مكوث الطفل لا يجب أن يزيد عن نصف ساعة أمام التلفاز خاصة بعد تناول الوجبات الغذائية التي يجب أن لا تتميز بالملوحة أوالحلاوة الشديدة لأن ذلك قد يزيد من مضاعفات السمنة عند الصغار، علما ان داء السكري يصيب أكثر فأكثر الفئات الشابة مما يستدعى تعزيز وقاية ميدانية دائمة وعدم الاعتماد على الوقاية النظرية لوحدها، لأن التعقيدات الناجمة عن داء السكري خطيرة جدا ومعيقة لأنه يتسبب بنسبة 75 بالمائة في الإصابة بأمراض القلب، وعليه تظهر أهمية مواجهة المرض بخطوات وقائية وليست علاجية: «رغم انتشار بعض المراكز الطبية المتخصصة في مرض السكري إلا أنها تعتمد فقط على الدور العلاجي وليس الوقائي من المرض، لذلك لا بد من توسيع الإعلام والتحسيس ولاسيما عبر التلفاز والإذاعة، فالوقاية تتمثل في الإصغاء يوميا للمريض والتقرب منه ومن بيئته، كما أن نقص الوعي بأسباب مرض السكري وطرق العلاج يساهم كذلك في زيادة عدد حالات الإصابة بهذا الداء في الجزائر» تقول المختصة في أمراض السكري فريدة لا سيت. جدير بالإشارة، أن الجزائر تحصي حاليا حوالي ثلاثة ملايين مصاب بالسكري من بينهم 20 بالمائة يعالجون بالأنسولين.