غزة اليوم تؤكد ما قاله الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي "إذا الشعب يوما أراد الحياة، فلابد أن يستجيب القدر، ولابد لليل أن ينجلي، ولابد للقيد أن ينكسر، انطلاقا من مبدأ أن ما أخذ بالقوة لايسترد إلا القوة. الغزاويون في ملاحمهم البطولية كانوا مثل أسود الأوراس وجرجرة والونشريس وبوزقزة والزبربر الذين قابلوا بصدورهم العارية جبابرة جيش المستعمر الفرنسي الذي كان يعد أعتى قوة في ذلك الوقت مدعوما بقوات وإمكانيات الحلف الأطلسي. اليوم يرددون ماردده مجاهدونا الأشاوس: يا "إسرائيل" قد مضى وقت العتاب وطويناه كما يطوى الكتاب فاستعدي وخذي منا الجواب". لقد كانت الثورة الجزائرية المظفرة نموذجا لكل فلسطيني ولاتزال، فالمستعمر من أجل استيطان الأرض والبقاء فيها أحرق البشر والشجر والحجر، ولإخماد الثورة، استعمل كل وسائل القوة ومنها قنابل النبالم المحرمة دوليا، لكن إرادة الأسود وعزيمتهم على النصر أو الإستشهاد لم تقهر وكللت بالنصر، فلم تثنهم سياسة التجويع والتهجير، وحرق القرى والمداشر، والمجازر التي طالت الأبرياء العزل من النساء والأطفال والشيوخ بل زادتهم إصرارا على النصر، مرددين: "الشباب لن يكل همه أن يستقل أو يبيد". نصر غزة اليوم خطوة في طريق التحرير، لأنه جاء على يد المقاومين الذين آمنوا بمقولة "إن لم أضح أنا وأنت فمن يضحي؟" لا مجال لمن يتاجرون بالقضية، ولا لمن باعوها. هكذا كانت قضيتنا رسمناها بدمائنا وسلاحنا، محونا الخلافات ووحدتنا الثورة والجهاد، والموال يقول: «اللي مضيع ذهب في سوق الذهب يلقاه واللي مفارق محب يمكن سنة وينساه بس، اللي مضيع وطن وين الوطن يلقاه" معايير النصر والهزيمة عند المقاومة تختلف عنها عند العدو، فالمقاوم إن لم يخسر فهو منتصر، والعدوان إن لم يربح فهو خاسر، وكما يقول أحد المحللين السياسيين "ليست وظيفة المقاومة احتلال القدرة التدميرية، ولكنها تستطيع امتلاك القدرات المنتجة للخوف الذي ينقلب الى ردع ورعب في ذهن العدو". استشهاد القادة، لا يعني أن المقاومة خسرت فلقد استشهد بن بو العيد وعميروش وسي الحواس والعربي بن مهيدي وعبان رمضان وزيغود يوسف وغيرهم لكن الثورة استمرت. وكذلك المقاومة الفلسطينية. يخطئ العدو إن راهن على تصفية القادة، أو على الضغوط الخارجية وخاصة العربية، لأن المقاومة ثبتت ركائزها على طريق النصر... وستنتصر، كما انتصرت ثورتنا، وما ذلك على الله العزيز، والنصر دائما للأسود.