أكد كاتب الدولة المكلف بالإحصاء والاستشراف، السيد بشير مصيطفى، على ضرورة تقييم منظومة الإحصاء الحالية، بهدف تفعيل عمل أجهزتها أكثر والوصول إلى وضع بنك معطيات وطني يشمل كل القطاعات، مشيرا أن الإحصاء في الوقت الراهن مازال قطاعيا وهو ما يجعل الحصول على المعلومة مسألة صعبة ويسهل بالتالي عمليات التلاعب. وقال مصيطفى في محاضرة ألقاها بجامعة بن عكنون-3 حول "المنظومة الوطنية للإعلام الإحصائي في الجزائر" إن هناك إرادة سياسية لتعزيز هذه المنظومة ظهرت في مخطط عمل الحكومة الحالية، الذي جاء فيه ضرورة تنشيط المجلس الوطني للإحصاء والقيام بتحقيقات خاصة وتكوين إطارات مختصة في الإحصاء. وتحدث المحاضر أمام جمع من الطلبة والأساتذة عن أهمية ربط الإحصاء بالاقتصاد وهو ما لم يتحقق جيدا في الجزائر، وقال إن ذلك يمر عبر العمل بوتيرة سريعة على المستوى الاقتصادي وتوفير شبكة مرنة للإحصاء تعطي المعلومة في وقتها، وكذا التخزين الجيد للمعلومات، التي يجب أن تكون ذات نوعية، أي أن يعكس الإحصاء الواقع. كما شدد على أهمية استجابة الإحصاء للاحتياجات الاقتصادية للبلاد وللفاعلين الاقتصاديين من حكومة وأرباب عمل ومؤسسات وباحثين وحتى مستثمرين أجانب. هؤلاء –مثلما أضاف- لايمكنهم أن يغامروا برؤوس أموالهم في بلد لايملكون المعلومات الدقيقة والنوعية عنه. في السياق، أكد أنه لا يمكن الحديث عن الإحصاء بإهمال جانب اليقظة والاستشراف، لأن الهدف من جمع المعلومات هو "بناء الغد" وحاليا -مثلما قال- "يبنى الحاضر بالغد وليس العكس" وذلك راجع للتطور الهائل في تكنولوجيات الإعلام والاتصال، وللاستشراف انعكاسات على المديين القصير والطويل، أهمها تحديد العوامل التي تعيق عمل المؤسسات، التحكم في الأسعار، التحكم في سوق الشغل، تحديد الطلب الداخلي على الصحة والخدمات الاجتماعية والعمومية، لاسيما السكن والتعليم. وذكر مصيطفى بأن للجزائر تجارب إحصائية منذ 1964، فيما يعود وضع النظام الإحصائي إلى سنة 1994، لكنه يحتاج إلى تقييم واستكمال من أجل الوصول إلى "مركزية الإحصاء" التي تعني التنسيق بين الإحصائيات التي تبثها عدة مؤسسات، لاسيما القوية منها كالجمارك والضرائب وبنك الجزائر والسجل التجاري والوزارات، وهو ما سيسمح بوضع أرقام تعريفية موحدة تعوض الخلط الموجود بين هيئة وأخرى. كما أكد المحاضر على ضرورة خروج المسعى الإحصائي من الطريقة القديمة والانتقال من تسيير الموجود كالميزانيات إلى الاستشراف في كيفية التسيير المستقبلي وذلك لتجنب بعض المشاكل التخطيطية في المستقبل. وحسب كاتب الدولة المكلف بالإحصاء والاستشراف، فإن الجزائر تملك الإمكانيات في قطاع الإحصاء، لاسيما الأجهزة الخاصة بالجمع وإنتاج المعلومة الإحصائية على المستوى العمومي والخاص، كما تملك أجهزة التنسيق، لكن إذا تم تقييم عملها فإنه يرى أن هناك نقاطا إيجابية وهناك بعض الصعوبات المطروحة. ومن أهم الصعوبات التي تحدث عنها: طبيعة المعلومة الإحصائية التي مازالت قطاعية في غياب التنسيق، الذي يؤدي إلى وضع قاعدة بيانات وطنية موحدة، غياب الرقم التعرفي الموحد، وهو ما يعني حاجة الجزائر إلى معجم إحصائي وطني يتضمن كل المعلومات الدقيقة، غياب معطيات إحصائية على المستوى المحلي ونقص تكوين الكوادر في مجال الإحصاء.