هل يفتح خطاب خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بغزة والذي تحدث فيه عن سلطة واحدة ورئيس واحد وأرض واحدة لكل الفلسطينيين الباب أم تحقيق المصالحة الوطنية التي بقيت طيلة أعوام تتأرجح بين مصالح وخلافات هذا الطرف وذاك؟ تساؤل يطرح بعد أن رحبت حركة التحرير الفلسطينية "فتح" التي يقودها الرئيس محمود عباس، أمس، بدعوة خالد مشعل لتفعيل المصالحة وترجمتها على أرض الواقع. وقال عزام الأحمد المكلف بملف المصالحة على مستوى حركة فتح أن هذه الأخيرة "ترحب بقوة بخطاب خالد مشعل الذي كان إيجابيا جدا من أجل طي ملف الانقسامات الفلسطينية". وكان خالد مشعل الذي ألقى خطابا بمناسبة إحياء الذكرى ال25 لتأسيس حركة حماس التي جرت بقطاع غزة تحدث عن رئيس فلسطيني واحد للشعب الفلسطيني وسلطة واحدة وقانون واحد. وقال "نحن لسنا على خلاف بخصوص هذه النقاط والتي توجد في لب اتفاق المصالحة الموقع بين فتح وحماس وباقي الفصائل الأخرى من أجل وضع حد للانقسام". وهو ما جعل الأحمد يعتبر أن "أهمية الخطاب تكمن في أنه ألقي من قطاع غزة وبحضور قيادة حماس في الخارج وهو يعبر عن موقف كل حركة حماس". وأضاف بالتالي "نقول نعم يجب أن ننهي الانقسام وتحقيق الأسس التي تم الاتفاق عليها بالقاهرة والدوحة وهي سلطة واحدة ورئيس واحد وحكومة واحدة وتشريع واحد ومرجعية واحدة هي منظمة التحرير الفلسطينية التي يجب العمل على سرعة تفعيلها". وحتى يثبت مسؤول حركة فتح نية هذه الأخيرة في تحقيق المصالحة قال عزام الأحمد انه "من اجل تطبيق ذلك لا بد من الإسراع في عمل لجنة الانتخابات التي توقفت عن العمل في جويلية حتى تتم عملية الانتخابات للوصول إلى النقاط التي أعلنها مشعل". وأضاف "ما أعلنه مشعل يتطابق مع موقفنا سياسيا وتنفيذ النقاط التي نادى بها يتوافق تماما مع اتفاق المصالحة وإعلان الدوحة". وعلى ضوء خطاب مشعل الذي خلق مناخا ملائما لتفعيل المصالحة دعا الرئيس عباس إلى التعجيل بتحقيق هذا المسار واستئناف الحوار مع حركة "حماس" وإجراء الانتخابات وعودة المؤسسات إلى عملها. وقال الرئيس عباس في تصريح أدلى به بالدوحة العاصمة القطرية أمس على هامش مشاركته في أشغال اللجنة الوزارية لمبادرة السلام العربية "أن قنوات الاتصال مفتوحة مع الجانب المصري من أجل متابعة المصالحة وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وانتخابات المجلس الوطني". ولكن خالد مشعل الذي دعا إلى المصالحة الفلسطينية دعا أيضا إلى ضرورة تكييف المقاومة مع الوضع القائم بما أعطى الانطباع بان احترام الهدنة الموقعة مع إسرائيل في قطاع غزة يصب في صالح الفلسطينيين. وقال في خطاب ثان ألقاه أمس بالجامعة الإسلامية بمدينة غزة أن "المقاومة هي القاعدة ولكن في بعض الأحيان نقوم بالهدنة وفي أحيان أخرى بالتصعيد بأشكال مختلفة. تارة نطلق قذائف صاروخية وتارة أخرى لا". وأضاف "يا شباب ويا شابات غزة لقد فاجأتم العدو فلا نتانياهو ولا ليبرمان ولا باراك توقعوا بان يتجرأ سكان غزة وهم قلة ولكنهم رائعون في قصف تل أبيب". وعاد مشعل ليؤكد "نريد الوحدة الوطنية على قاعدة المقاومة المسلحة والمقاومة الشعبية ...سأحث على المصالحة والوحدة الوطنية والصفوف الفلسطينية". وقال "فلسطين اكبر من أن يقودها فصيل واحد فقط. فلسطين لنا جميعا ونحن جميعا شركاء في هذه الأمة لا حماس يمكن لها أن تستغني على فتح ولا فتح يمكن لها ان تستغني عن حماس ولا عن أي فصيل آخر". وتأتي زيارة مشعل إلى قطاع غزة لتلقي بظلالها على مشهد إسرائيلي متململ مع قرب موعد الانتخابات النيابية المسبقة في 22 جانفي القادم. والمؤكد أن زيارة مشعل ستستغلها المعارضة في إسرائيل وخاصة تلك التي تقودها تسيبي ليفني وزيرة الخارجية السابقة كورقة ضغط على بنيامين نتانياهو رئيس الوزراء الذي خرج منهزما من حربه الأخيرة على قطاع غزة. وهو ما جعل حزب الليكود الذي يقوده نتانياهو يندد بانسحاب إسرائيل من قطاع غزة عام 2005 في مسعى لتبرير عجزه في قهر مقاومة فلسطينية باسلة أخلطت كل حسابات قوى الاحتلال.