يوشك المخرج القدير أحمد راشدي على الانتهاء من تصوير فيلم "كريم بلقاسم"، الذي تنتجه وزارة المجاهدين بالاشتراك مع "أر فيلم تيلي سيناكس"، ويتعرّض الفيلم لنضال كريم بلقاسم منذ 1945 إلى غاية مفاوضات الاستقلال، حيث أشار ل"المساء" إلى أنّ ما تبقى من العملية لا يتعدى العشرة أيام ليدخل بعد ذلك إلى خلية التركيب، حيث ينتظر راشدي عمل لقرابة ثلاثة أشهر. وأضاف راشدي في لقائه مع „المساء“ بمقر الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية بشارع مولود مقيدش بساحة أودان، حيث يصوّر مشاهد من هذا العمل، أنّ الفيلم سيعرض إذا سارت الأمور بوتيرة طبيعية في ربيع 2013. مشيرا إلى أنّه تحصّل على الميزانية الكاملة للعمل، وأوضح أنّ الميزانية التي تقرّرت منذ أربع سنوات، تمّ إعادة النظر فيها لتساير ارتفاع تكاليف الصناعة السينماتوغرافية. وعن اختياره لمقر الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية لتصوير مشاهد من الفيلم، أوضح راشدي، أنّ هذا المقر يعتبر من القلائل التي احتفظت بديكور سنوات الستينيات بداية من الأرضية وصولا إلى الأثاث والجو العام. وعن العراقيل التي واجهت العمل الذي كتب سيناريوه الصحافي بوخالفة امازيت والرائد عز الدين، أشار راشدي إلى أنّه مثله مثل الأعمال الأخرى واجه „كريم بلقاسم“ عراقيل لكنّها إدارية غير معقولة وتعجيزية في الكثير من الأحيان تتعلّق بالضرائب والتعاملات البنكية، وكذا عرقلة دفع مستحقات الوسائل التقنية، حيث وجد صعوبة في تحويل الأموال للشريك الأجنبي المؤجّر للوسائل التقنية (إيطاليا وتونس)، منوها في هذا السياق بالترحاب الذي وجده لدى مختلف شرائح المجتمع الذين رحبوا بفكرة العمل وقدموا مختلف أشكال الدعم. وتنقّلت كاميرا راشدي بين العاصمة ومنطقة القبائل والخارج أيضا في تونس، القاهرة وسويسرا للوقوف عند أهمّ محطات مسار المناضل كريم بلقاسم قبل انطلاق الثورة المسلحة، مركّزا على الشهور القليلة قبيل اندلاع الشرارة الأولى للثورة، حيث كان العمل مكثّفا تحضيرا لانتقال النضال إلى أرض المعركة وصولا إلى مقولته المشهورة „لقد تم إنجاز المهمة“ غداة التوقيع على اتفاقيات إيفيان. وعلى عكس فيلم „مصطفى بن بولعيد“ الذي تضمّن مشاهد جوية وتصويرا لمختلف المعارك جوا، سيخلو فيلم „كريم بلقاسم“ من هذه المشاهد لانعدام الإمكانيات التي تسمح بتنفيذها، إذ ينتظر راشدي الحصول على التراخيص والإمكانات اللازمة لذلك من طرف وزارة الدفاع الوطني، وقد تمّ تصوير مختلف المعارك والعمليات العسكرية التي تتضمّنها مشاهد هذا العمل بمنطقة بوسعادة التي توفّر إضاءة جيدة وبيئة مساعدة على هذا النوع من المشاهد. وقد اختار أحمد راشدي كوكبة كبيرة من ممثلي السينما والمسرح لأداء أهم الأدوار، وسيتقمّص الدور الرئيسي الممثل سامي علام الذي سبق وأن أدى دور كريم بلقاسم في فيلم „مصطفى بن بولعيد“، وفي هذا السياق أكّد علام ل«المساء“ أنّ تقديم هذه الشخصية يعدّ عبئا ثقيلا وتقديم دور كهذا هو بالنسبة لأيّ ممثّل شرف كبير ومسؤولية أكبر، وأضاف أنّ كريم بلقاسم صاحب مسار نضالي كبير لا يمكن الاستهانة به وكان من الضروري الإلمام بمختلف جوانب حياته الشخصية والنضالية وهو شيء ليس بالهيّن. للإشارة، يروي فيلم „كريم بلقاسم“ في ساعتين من الزمن، حياة المجاهد والمناضل والسياسي كريم بلقاسم منذ بدايات عمله المسلّح بمنطقة القبائل، إذ يعتبر شخصية محورية في تاريخ الجزائر، فقد حضر كلّ القرارات والأحداث المصيرية التي عرفتها الثورة، على غرار اجتماع الستة، كما كان في طليعة المنضمين إليها، وشارك في أغلب اجتماعاتها بالداخل والخارج، وقاد الوفد المفاوض في إيفيان، حيث قال مقولته المشهورة بعد الانتهاء „لقد تم إنجاز المهمة“. ويشارك في بطولته إلى جانب سامي علام في الدور الرئيسي، بهية راشدي في دور والدته، رزيقة فرحان في دور فضيلة الزوجة الثانية، حسان قشاش الذي يجسد بن بولعيد، حميد رماس في دور محمود شريف، كمال رويني في دور سعد دحلب، إضافة إلى تجسيد أحمد رزاق دور اعمر أوعمران ومصطفى لعريبي في دور عبان رمضان وغيرهم. ويعدّ كريم بلقاسم أحد مؤسّسي جبهة التحرير الوطني ومفجّري ثورة نوفمبر، ولد يوم 14 ديسمبر 1922 بذراع الميزان، التحق سنة 1946 بحزب الشعب الجزائري، وبدأ في إقامة خلايا سرية في 12 دشرة حول ذراع الميزان، وفي 1947 حكم عليه بالإعدام غيابيا باعتباره أحد الأعضاء الفاعلين في ناحية القبائل، ثم في سنة 1950 „بتهمة القتل والتحريض على التمرد والعصيان ضد فرنسا“. اغتيل كريم بلقاسم يوم 18 أكتوبر 1970 شنقا بفندق بفرانكفورت (ألمانيا)، وووري الفقيد التراب في مربع المسلمين لمدينة فرانكفورت إلى غاية 24 أكتوبر 1984، حيث أعيد له الاعتبار وأعيد دفنه ب«مربع الشهداء“ بالعالية.