لم يبخل الرئيس الفرنسي وهو يتحدث عن الذاكرة، في وصف الاستعمار بالوحشي والظالم، لكن ما افتقر إليه هولند وهو يخاطب ملايين الجزائريين، هو الشجاعة والجرأة الكاملتان، لأنه لو اتسم بهاتين الصفتين لقال أكثر من نصف الحقيقة. لقد تمنيت من هولند أن يكون على قدر الترحاب الذي حظي به في الجزائر على المستويين الرسمي والشعبي، ويعتذر للجزائريين عن جرائم فرنسا في الجزائر، لكنه مع الأسف لم يملك الجرأة لقول ما كان منتظرا منه من ملايين الجزائريين الذين اكتووا بنار الحرب وبطش المستعمر .. تمنيت أن يقول لأسر الشهداء عذرا عما اقترفته بلادي في حق هؤلاء الابطال ويقول للمجاهدين والمعطوبين ولكل الجزائريين .. معذرة عما لحق بكم بسبب غطرسة عساكرنا في حرب الجزائر، كما تمنيت أيضا أن يرد بجواب صريح على تساؤلات زوجة الشهيد موريس اودان، لكنني لاحظت، مع الاسف، أنه لا يمتلك القدرة على قول الحقيقة كما هي، لأرملة واحدة، فكيف يمكنه أن يخاطب آلاف الأرامل اللائي لا زلن يبكين أزواجهن الذين أعدموا رميا بالرصاص أو أحرقوا أحياء أو نالت من أجسادهم أساليب التعديب الجهنمية. إنها أمنيات الملايين من الجزائريين الذين كانوا ينتظرون من فرانسوا هولند أن يكون حاملا معه أجوبة لها، لكن وبما أن هولاند تحدث عن المصارحة التي يجب أن تطبع الخطاب بين الجزائريين والفرنسيين عند الحديث عن الذاكرة، فإنني أغتنم الظرف، ما دامت أصداء زيارته الى بلادي، تتردد في كل مكان، لأطالبه بالرد على رغبات الاف الجزائريين مثلي، ممن يبحثون عن رفات آبائهم وإخوانهم وأجدادهم الذين عذبوا وأعدموا ببرودة دم في المعتقلات والسجون بالمدن والقرى والمداشر. ولا شك أنه عندما تكون الاجابة صريحة، يمكن أن نلمس عندئد جدية فرنسا في فتح صفحة جديدة فنرسي سلم الذاكرة ونفتح صفحة جديدة ونقول عفا الله عما سلف.