أكّد المدير العام للمكتبة الوطنية الجزائرية أمين الزاوي أنّ العرب لا يستحقون لغتهم العربية، وأنّهم أقلّ شأنا منها وهم المساهمون الأوائل في قتلها، مضيفا خلال مشاركته أوّل أمس في الحلقة السابعة من "الندوة"التي ناقشت موضوع "لغات الكتابة الأدبية في الجزائر"، أنّ فقهاء الأمس كانوا أكثر جرأة في كتاباتهم من حداثيي اليوم . فتحت المكتبة الوطنية النقاش أوّل أمس حول أحد أهم القضايا التي ميّزت ساحة الكتابة الإبداعية ليس في الجزائر فقط وإنّما في الكثير من الدول المغاربية وهو الصراع القائم بين الكتاب المعربين والمفرنسين الذي ظلّ بعيدا عن طاولة النقاش الصريح رغم أنّه المتحكّم في رسم الخارطة الثقافية في الجزائر. وفي خضم حديثه، أكّد المدير العام للمكتبة الوطنية أنّ الطبقات الثقافية في الجزائر تميّزت باختلاف لغاتها واتجاهاتها وتياراتها، حيث جمعت بين كتّاب مثل مالك حداد، كاتب ياسين، رشيد بوجدرة وزهور ونيسي ...لكن هذا لم يمنع هؤلاء من الاتحاد من أجل إنشاء اتحاد الكتاب الجزائريين، مضيفا أنّ تعدّد لغات الكتابة لا يشكّل أيّ تهديد للهوية وإنّما "يمنح مخيّلات متعدّدة للكتابة". أمين الزاوي الذي أكّد أنه لا يريد أن يتطرّق لهذا الإشكال من جوانبه السياسية تفاديا للوقوع فيما أسماه ب"الصراع التافه بين المعربين والمفرنسين"، ركّز على أنّ الرداءة ليست حكرا على النصوص المكتوبة بالعربية بل توجد حتى في النصوص المكتوبة بالفرنسية. لكن وعلى أهمية الموضوع المطروح لم تكن محاضرة المكتبة الوطنية في مستوى النقاش بعد أن عجز ضيفا "الندوة" لاسيما الروائي الشاب بشير مفتي المتكلّم باسم الكتّاب المعرّبين- عن طرح مختلف جوانب الموضوع، بل وسعى مفتي للتأكيد على أنّ اللغة العربية تجعل الكاتب مقيّدا وتشعره بعدم الحرية في التعبير بصراحة عن ما يريد قوله، لاسيما في استعمال بعض المفردات "الوقحة" التي تكون أكثر تمثيلا للمعنى والتي لا يجد الكاتب بالفرنسية حرجا من استخدامها في نصوصه على عكس الكاتب بالعربية. وبالمقابل، كان الكاتب لحبيب أيوب أكثر جرأة في الحديث عن إشكالية الكتابة بالفرنسية سيما ما تعلّق بالمواضيع المختارة، مشيرا إلى أنّ الكثير من الكتاب الجزائريين باللغة الفرنسيين تعمّدوا الخوض في الثالوث المحرم (الجنس، الدين، السياسة) من أجل تحقيق الشهرة والتوسّع وبالأخصّ القبول في الضفة الأخرى، بحيث عمد بعض الكتاب يقول لحبيب إلى الاستثمار في ألم الجزائر في الوقت التي كانت هي تعاني، لاسيما بالنسبة لأولئك الكتاب الذين تربطهم عقود مع دور نشر معروفة. ولا يقتصر ذلك على الكتابة الروائية يقول صاحب رواية "حياة وموت مواطن مؤقّت" بل كلّ الأعمال الإبداعية بما فيها السينما، فأغلب الأفلام المدعومة فرنسيا والمخرجة من طرف جزائريين تكون مشروطة ومحكومة بمقاييس معينة على غرار أفلام مرزاق علواش الذي دفع إلى إشراك المغربي اليهودي جاد المالح في فيلمه "شوشو" ليلقى خارج بلاطوهات التلفزيون وتسلّط الأضواء بالمقابل على جاد المالح.