تلاقت ردود الأفعال في الساحة الوطنية إزاء الاعتداء الإرهابي على منشأة الغاز بتيقنتورين منذ وقوعه يوم الأربعاء الماضي جميعها، في عبارة واحدة هي ”رفض الإرهاب وأي شكل من أشكال التدخل الأجنبي ببلادنا والتمسك بالسيادة الوطنية”.ويمكن القول أن هذا التلاحم بين الحكومة والتشكيلات السياسة ومكونات المجتمع المدني والشارع الجزائري أعاد إلى الأذهان أحداثا وطنية خاصة جدا، عشنا خلالها تنامي الشعور بالوطنية والانتماء للجزائر والافتخار بها. ويبدو جليا أن اعتداء إن أمناس جمع الجزائريين بكل مكوناتهم وفئاتهم حول مصلحة البلاد العليا، ولم يترددوا في التعبير عن ذلك عبر مختلف الوسائل الإعلامية منذ الساعات الأولى لحدوث الهجوم على المنشأة. وأولى مظاهر هذا التلاحم والوعي بالمصلحة الجماعية، بدا في ردة فعل عمال المنشأة ذاتها الذين أظهروا احترافية كبيرة في تصرفهم الذي عكس إدراكا عميقا بالمصلحة العليا. وهو ما أبرزته أولا ”بطولة” الشاب محمد أمين لحمر الذي أدى واجبه كحارس لبوابة المنشأة بطريقة أثارت إعجاب الجميع، رغم أنه دفع حياته ثمنا لذلك. فبرفضه فتح البوابة وإطلاقه صافرة الانذار تمكن من تنبيه زملائه وبالتالي كان وراء إنقاذ مئات الأرواح. ومثله واصل عمال المنشأة بوعي أداء واجبهم بتوقيف الإنتاج ومغادرة غرفة المراقبة للانتشار في باقي الوحدات تفاديا لتفجير المنشأة الغازية، كما سهروا على إطفاء الحريق الذي تسبب فيه الارهابيون رغم أن هؤلاء كانوا يطلقون عليهم النار.إضافة إلى ذلك فإنه وبشهادات بعض الرهائن الأجانب، قام العمال الجزائريون بإنقاذ بعض نظرائهم الأجانب وجنبوهم كابوس الاحتجاز بل والموت.وفي حين كان العمال يؤدون واجبهم، كانت قوات الجيش الوطني الشعبي تحضر لتدخلها الذي تم بكل احترافية، رغم الضغوط الخارجية التي عكستها تصريحات بعض قادة الدول التي كان رعاياها من بين الرهائن في عين المكان. ومنذ بداية العملية توالت الردود والتعاليق في كافة وسائل الاتصال لاسيما عبر شبكة الانترنت التي أصبحت المنبر الذي يقاس به الرأي العام الجزائري، حيث أبرزت كل هذه الردود دعما واضحا للجيش الجزائري وقراره بالتدخل ورفض كل الانتقادات التي وجهت له من عواصم غربية. كما ظهر جليا التفاف الشباب بالخصوص حول القرار، وإشادته الكبيرة بعناصر الجيش واحترافيته، ورفض كل أشكال التدخل أو المساس بالسيادة، أو إعطاء الدروس، مشيرين إلى إدراك الجزائريين لمخاطر الإرهاب وهم الذين عانوا منه لسنوات في عزلة تامة وصمت دوليين.والملاحظ أن الشارع الجزائري وبفضل الشبكات الاجتماعية كان سريعا في رد فعله، واستطاع من خلالها أن يتجاوز الأحزاب والمنظمات والجمعيات، التي جاءت ردود أفعالها عاكسة لهذا الاتجاه الذي يصب في ضرورة الالتفاف حول القرارات السيادية للجزائر والثقة في احترافية الجيش الجزائري ومعرفته الكبيرة لكيفية التدخل في مثل هذه المواقف وهو الذي يملك تجربة لايستهان بها في مجال مكافحة الإرهاب. من جهتها، كثفت الأحزاب والجمعيات والمنظمات التصريحات والبيانات المنددة بالهجوم الارهابي والداعمة للدولة الجزائرية ومواقفها، والداعية إلى تكاثف الجهود من أجل مواجهة الارهاب والتحلي باليقظة لمواجهة المحاولات الهادفة إلى زعزعة استقرار البلاد.