محكمة الرباط العسكرية ترفض تحويل قضية النشطاء الصحراويين أمام محكمة مدنية
رفضت محكمة الرباط العسكرية، أمس، التماس هيئة دفاع المعتقلين الصحراويين ال24 المعروفين باسم مجموعة "اكديم ايزيك" تحويل محاكمتهم على محكمة مدنية باعتبارهم نشطاء سياسيين ومناضلين في مجال حقوق الإنسان. واستؤنفت محاكمة هؤلاء السجناء، صباح أمس، في جلسة ثالثة خصصت للاستماع إليهم للرد على التهم الخطيرة التي وجدوا أنفسهم متورطين فيها والتي قد تعرضهم لعقوبة السجن المؤبد في حال ثبوتها ضدهم. وقالت مصادر على صلة بملف المحاكمة إن هيئة المحكمة اجتمعت بعد ظهر أمس للنظر في التماس تقدم به الدفاع يقضي "بعدم اختصاص المحكمة العسكرية" للنظر في هذه القضية وفقا لمادة في الدستور المغربي كما طالب المحامون في عريضتهم التمهيدية ب«وضع حد لحبس" المتهمين واستفادتهم من الإفراج المؤقت. ولكن هيئة المحكمة رفضت كل الطلبات الابتدائية المقدمة من طرف دفاع المتهمين وخاصة ما تعلق باستدعاء قائمة الشهود الذين طالب المحامون حضورهم وأبقت في مقابل ذلك على كل التهم الموجهة للنشطاء الصحراويين. وأمام هذا التعنت دعا الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز المنظمات الدولية إلى التدخل العاجل من أجل إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين السياسيين. ووجه في هذا الإطار رسالة إلى كل من ديلامي زوما رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي ونافي بيلاي مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان وكاترين دول اتوكي المفوضية الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب طالبهم بتدخل عاجل لإنقاذ حياة هؤلاء. وبالتزامن مع انطلاق هذه المحاكمة أكد النائب الاسباني ويلي مايير الذي حضر إلى قاعة الجلسات بالمحكمة العسكرية أن محاكمة الصحراويين ال24 أمام محكمة عسكرية "مخالفة للقانون" و«جائرة" كونها تخص مناضلين يسكنون في الصحراء الغربية وهي إقليم محتل. وقال النائب الاسباني إن "الأمر يتعلق بمحاكمة مخالفة للقانون، حيث أنها تخص الصحراء الغربيةكإقليم محتل ويشكل مسألة تصفية استعمار يوجد ملفها بين أيدي الأممالمتحدة". ودعا إلى الإفراج عن السجناء ال24 ومجموع السجناء السياسيين وإلى تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية من خلال تنظيم استفتاء تقرير المصير. من جانبها، قالت المحامية الايطالية فرانشيسكا دوريا بصفتها ملاحظة في المحاكمة أن المحكمة العسكرية غير "مختصة" لمحاكمة مدنيين في "وقت السلم". ووجهت النيابة العامة العسكرية المغربية للمتهمين الصحراويين تهم "المساس بالأمن الداخلي والخارجي للدولة وتكوين جماعة إجرامية والاعتداء على موظفين عموميين في إطار مزاولة مهامهم" وهم معرضون بذلك للسجن المؤبد. وأمام استمرار الخروقات المغربية في حق المواطنين الصحراويين اعتبرت أرضية التضامن مع الشعب الصحراوي أن لائحة البرلمان الأوروبي الأخيرة المعبرة عن انشغاله بشأن الانتهاكات الدائمة لحقوق الإنسان في الصحراء الغربية بمثابة "رسالة واضحة" للمغرب وللحكومة الفرنسية. وقالت مجموعة جمعيات دعم الجمهورية العربية الصحراوية بفرنسا في تصريح لها أن اللائحة الأوروبية "رسالة واضحة أخرى موجهة للمغرب لكي يضع حدا لسياسة قمعه ويحرر المساجين السياسيين الصحراويين ويعترف بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره". وجاء في الأرضية أن لائحة الجمعية الأوروبية هي أيضا رسالة موجهة للحكومة الفرنسية حتى"تغير موقفها من خلال الكف عن دعم مخطط الحكم الذاتي المغربي الذي يضرب عرض الحائط القانون الدولي". ورغم كل ما تثيره محاكمة المناضلين الصحراويين أمام محكمة عسكرية من موجة إدانة واستنكار فإن ذلك لم يمنع السلطات الصحراوية من تجديد استعدادها لإجراء مفاوضات مباشرة مع المغرب لكن دون فرض شروط. وقالت وزيرة الثقافة الصحراوية خديجة حمادي أن جبهة البوليزاريو المعترف بها كممثل شرعي وحيد للشعب الصحراوي مستعدة لخوض مفاوضات مباشرة مع المغرب لمجرد ألا يقوم هذا الأخير "بفرض شرطه المتعلق بمشروع الحكم الذاتي" قبل أي محادثات. وفي تصريح صحفي أدلت به على هامش لقاء لشبكة المنتخبين الفرنسيين من أصل إفريقي المتضامنين مع القضية الصحراوية نهاية الأسبوع بالعاصمة باريس أوضحت الوزيرة الصحراوية أن "الجولة الأوروبية المقبلة للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية قد تساهم في فتح مفاوضات مباشرة بين جبهة البوليزاريو والمغرب". واعتبرت الوزيرة الصحراوية أن الجولة المقبلة لروس إلى أوروبا من شأنها أن تعزز سعيه من أجل التوصل إلى حل منصف للنزاع وستسمح له ب«استبعاد" الطرف الذي يمنعه من التوصل إليه. وأكدت "أنها لا تستوعب شخصيا" الفرق بين المفاوضات المباشرة وغير المباشرة بين الطرفين، موضحة أنهما "بالفعل على طاولة المفاوضات... ولقد حان الوقت لبدأ مفاوضات مباشرة مع أخذ بعين الاعتبار أيضا حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير".