أجمع معظم الخبراء والمحللين السياسيين أن المستهدف الرئسيي مما يجري في مالي هي الجزائر بجغرافيتها وثرواتها ووحدة ترابها وشعبها. وهي مدركة لذلك، حيث بادرت قبل الإطاحة بنظام القذافي بالتعاون مع بعض قادة بلدان المنطقة إلى وضع ترتيبات أمنية للتصدي للخطر الأمني المتمثل في ذلك الوقت في ”قاعدة الجهاد في بلاد المغرب الاسلامي” تشكلت على إثرها قيادة ”تمنراست” المشتركة بين الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا، لكن هذه المبادرة قوبلت بتشكيل قيادة مشتركة بديلة في ”واغادوغو” من قبل بعض الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا، وهنا تطرح علامة استفهام كبيرة. وأثناء الثورة على نظام القذافي نبهت الجزائر إلى خطورة أن يقع مخزون الأسلحة في أيدي المجموعات الإرهابية، إلا أن الدول الغربية التي ساهمت في إسقاط النظام لم تبذل أي جهد للسيطرة على مخازن الأسلحة وتركتها تحت تصرف المجموعات المسلحة وعندما ساء الوضع في مالي بعد الإنقلاب الذي أطاح برئيسها الشرعي، واستيلاء حركة أنصار الدين على الشمال سارعت الجزائر إلى فض النزاع بالطرق السلمية من خلال الحوار دفعا للتدخل الخارجي انطلاقا من مبدإ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. إلا أن الأوضاع تسارعت بشكل مغاير لما تطمح إليه الجزائر، وطلبت مالي التدخل الفرنسي،، ووضعت الجزائر أمام الأمر الواقع، وهنا تطرح أيضا علامة استفهام عريضة. استنتاجات الخبراء والمحللين السياسيين تشير إلى أن هناك مؤامرة تستهدف الجزائر خطط لها من قبل الدول الاستعمارية وتنفذ بأيد محلية، من خلال ما يطلق عليه بالحرب الناعمة، وهي كفيروس السيدا الذي يضرب قوة المناعة للجسم البشري فينهار بسرعة. المؤامرة أصبحت صناعة، تطبخ في مخابر المخابرات بواسطة علماء مختصين، تهيء المناخ والبيئة الملائمة، وتزرع الأفكار التي تنخر المجتمعات، وتساعد على التآكل الذاتي، فالموت والخطر قادمان من الجنوب، لكن أملنا في وحدتنا وقوة إرادتنا في التمسك بالإرث الثوري لجيل نوفمبر، للتصدي للمؤامرة والانضمام إلى الدول التي تعمل جاهدة لنشر السلم من خلال تطبيق القانون الدولي، بعد أن تهاوى نظام القطب الواحد وبرز إلى الوجود نظام جديد متعدد الأقطاب يحفظ للشعوب حق عدم التدخل في شؤونها الداخلية، وللشعوب التعبير عن إرادة التغيير السلمي دون الاستعانة بالأجنبي.