دعا المشاركون في الورشة التي نظمتها اللجنة الوطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان حول البروتوكول الاختياري لمعاهدة الأممالمتحدة ضد التعذيب السلطات العمومية إلى التصديق على هذا البروتوكول، مبرزين بالمناسبة جهود الجزائر في مجال ترقية حقوق الإنسان. واعتبر المشاركون في هذه الورشة التي احتضنها فندق الهيليتون بالجزائر يومي 13 و14 فيفري الجاري، التوصيات التي توجت أشغالهم بمثابة دعوة للسلطات العمومية لتقوم بالتصديق على هذا البروتوكول الاختياري المتصل بالاتفاقية الأممية لمناهضة التعذيب، مسجلين في سياق متصل أن الجزائر التي تبذل جهودا كبيرة في مجال ترقية حقوق الإنسان كرست جهودا لبناء سجون حسب المعايير الدولية، فيما يقر قانونها الجنائي بتجريم التعذيب. كما أبرزوا في نفس السياق اهتمامها الخاص بتوسيع فضاء حقوق الإنسان إلى مجالات أخرى كالحرمان من الحرية، موضحين أن هذا الاهتمام يبرز جليا من خلال ترسانة من القوانين التشريعية الوقائية والعقابية وتطبيق سلسلة من الإجراءات الرامية إلى بلوغ المعايير الدولية. وكان رئيس اللجنة الوطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان، الأستاذ مصطفى فاروق قسنطيني، أكد خلال افتتاحه لأشغال الورشة بأن الجزائر تتوفر على قوانين صارمة في مجال مناهضة التعذيب، مبرزا أهمية التعديلات التي أدرجت على قانون العقوبات في سنة 2004 والتي حملت نصوصا واضحا في مجال مكافحة الظاهرة، فيما أشار الحقوقي عبد المجيد زعلاني في مداخلته في اليوم الثاني من اللقاء إلى أن المشرع الجزائري "أضفى نوعا من الوقاية من التعذيب، حينما اعتبره جناية تسلط عليها أقصى العقوبات ولاسيما إذا ارتكبت من قبل موظف أثناء تأدية مهامه". واعتبر السيد زعلاني في هذا الصدد أن إقرار تشديد العقوبة ضد فعل التعذيب والتي تصل إلى السجن مدى الحياة يعد بمثابة ردع قوي يؤدي إلى الوقاية من ارتكاب هذا الفعل، لافتا الانتباه إلى أن اعتبار هذا الفعل بمثابة جناية يؤدي لا محالة إلى حرمان مرتكبها من كثير من الحقوق ولاسيما حرمانه من ممارسة حقوقه السياسية والمدنية لفترة طويلة. وأشار المتحدث إلى أن جريمة التعذيب بوصفها جناية من قبل المشرع الجزائري فهي تتقادم بمرور 10 سنوات، "في حين أن الميثاق العربي لحقوق الإنسان يعتبر جرائم التعذيب هي جرائم لا تتقادم بمرور الزمن". وبعد تطرقه للحجز تحت النظر الذي يخضع له المتهمون على مستوى مراكز الأمن، أكد الأستاذ زعلاني أن "هناك ضمانات كثيرة لصالح الموقوفين في الحجز تحت النظر تزداد يوما بعد يوم"، موضحا بأن هذه الضمانات تتمثل في الفحص الطبي قبل الحجز وبعد الحجز والحق في الاتصال بالعائلة وكذا حق الموقوف في رفع شكوى أمام العدالة في حالة حصول التعذيب وكذا رفع دعوى مدنية للحصول على تعويض على الضرر المادي والمعنوي الذي أصابه جراء التعذيب. للتذكير، فقد انتظمت الورشة حول البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب انتظمت بالتنسيق بين اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان والمحافظة السامية لحقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة بالتعاون مع جمعية الوقاية من التعذيب، بهدف توعية السلطات العمومية والقضائية والمجتمع المدني في الجزائر حول مكافحة ظاهرة التعذيب. ويسمح البروتوكول الاممي الذي دخل حيز التنفيذ في 2006 وصادقت عليه 67 دولة لحد الآن لأي تنظيم دولي بالقيام بزيارات مفاجئة للسجون لوضع حد للمعاملات السيئة ومنها التعذيب.