وقف الشباب المحتجون بورقلة حركتهم الاحتجاجية صباح أمس الجمعة، إذ قرر حوالي 15 شابا لزموا مواقعهم بالساحة المقابلة لبلدية ورقلة مغادرة المكان عقب الحركة الاحتجاجية السلمية التي نظمت أول أمس لرفع مطالبهم "ذات المضمون الاجتماعي". وتعلقت المطالب المرفوعة أساسا بالتكفل بمشاكل التشغيل وتدارك التأخر الحاصل في التنمية بمناطق الجنوب و«تحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص وتحسين الإطار المعيشي لسكان الجنوب"، فضلا عن مكافحة التهميش والإقصاء ومحاربة الفساد والمحسوبية. وكان المئات من الشباب البطالين وغيرهم الذين توافدوا من بعض الولايات المجاورة قد نظموا صباح الخميس اعتصاما بالساحة المقابلة لبلدية ورقلة، مرددين شعارات تدعو إلى التكفل بالمشاكل المذكورة. ورفع هؤلاء الشباب خلال الاعتصام لافتات كتب عليها العديد من الشعارات أهمها "لا للفتن في أرض الوطن- الجزائر للجميع" و«الشمال والجنوب -الجزائر في القلوب" و«الشباب يريد العمل" و«الوحدة الوطنية خط أحمر". وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية أنه مع بداية الظهيرة شرع المعتصمون في الانصراف بهدوء على شكل مجموعات صغيرة، فيما بقي بضع عشرات واصلوا اعتصاما في أجواء عادية قبل مغادرة المكان كليا صباح الجمعة. وتعد هذه الوقفة الاحتجاجية للشباب البطال "رسالة" حول انشغالاتهم ومطالبتهم بالتكفل بأوضاعهم المهنية والاجتماعية، كما ذكر أحد ممثلي الحركة الجمعوية الشبانية لذات المصدر، مضيفا بأن هذه الوقفة ‘'ستنظم بشكل دوري إلى غاية تلبية المطالب المرفوعة". وتؤكد الأجواء الهادئة التي تمت فيها هذه الوقفة الاحتجاجية، بعد الكلام الكثير الذي قيل حولها لاسيما في الشبكات الاجتماعية، ومحاولات الزج بالشباب إلى مسارات أخرى غير تلك التي عبروا عنها منذ بداية الاحتجاجات، الوعي الذي يتحلى به الشباب الجزائري الذي وإن تجند للمطالبة بحقوقه وبتحسين أوضاعه، فإنه عبر في نفس الوقت عن إدراكه العميق لأهداف هذه الاحتجاجات، فتمكن من تأطيرها بعيدا عن الانزلاقات التي كان يراهن عليها البعض. وظهر ذلك جليا في الشعارات المرفوعة، التي جسدت بشكل لايثير أي ريبة، الطابع الوطني للمطالب المعبر عنها، وكذا انحصارها في الجانب الاجتماعي الذي يدور حول الدعوة إلى توفير مناصب عمل ومكافحة الفساد والبيروقراطية، وتحقيق التنمية الاقتصادية في هذه الولايات. وكانت الحكومة قد ردت بالايجاب على هذه المطالب باتخاذ مجموعة من التدابير الملموسة من قبل الوزير الأول السيد عبد المالك سلال لمعالجة مسألة التشغيل خصوصا لشباب الجنوب عبر التعليمة رقم 1 المتعلقة بتسيير ملف التشغيل بولايات جنوب البلاد. وأكدت التعليمة أنه يجب أن تكون أولوية تلبية احتياجات المؤسسات المتمركزة في ولايات الجنوب من اليد العاملة المحلية. كما تم اتخاذ قرار منح قروض من دون فوائد للمقاولين الشباب والبطالين بهذه المناطق لتمكينهم من إنشاء مؤسساتهم المصغرة. وتندرج هذه الترتيبات في إطار القرارات المتخذة في نوفمبر الفارط خلال الزيارة الأولى التي قام بها السيد سلال إلى ورقلة فور تعيينة على رأس الوزارة الأولى. وكان الوزير الأول خلال لقائه بمواطني ولاية إليزي في فيفري الماضي -بمناسبة زيارة أداها إلى إن أمناس في إطار الاحتفالات بتأميم المحروقات وإنشاء الاتحاد العالم للعمال الجزائريين التي احتضنتها تيقنتورين- قد أكد على أن الدولة مستعدة للتكفل بكل مشاكل المنطقة، لاسيما الشغل والتنمية. وأظهرت تدخلات الشباب مدى استيائهم من التسيير المحلي لأمور التنمية وكذا من تعامل الشركات لاسيما في قطاع الطاقة مع طالبي العمل. وهو الوضع الذي أكد ممثلو الحكومة أنهم يعملون لتغييره، ملحين على ضرورة تكاثف جهود الجميع. ومع حركة التغييرات التي مست ولاة بعض ولايات الجنوب، فإن الرهان اليوم كبير أمام القدرة على الاستجابة لمختلف المطالب في إطار منظم، وذلك بايجاد حلول حقيقية بعيدة عن الترقيع المناسباتي الذي يعمل على احتواء وضع مؤقت. وإذا كان الوزير الأول قد أصدر تعليمته، فإن تجسيدها على أرض الميدان يبقى مرهونا بمدى قدرة المسؤولين المحليين على التعامل مع الاشكالات الميدانية، فيما يخص التكوين والتشغيل وإنجاز المشاريع المبرمجة في آجالها، خاصة إذا علمنا أن الدولة رصدت المبالغ المالية الضرورية، لكن إتمامها يبقى معطلا بسبب نقص وسائل الانجاز في المناطق الجنوبية. وسجل الاتحاد العام للعمال الجزائريين في بيان له ارتياحه للقرارات الأخيرة التي تخص التنمية في الجنوب، مشددا على ضرورة أن يتم تجسيدها في "إطار الاستقرار والحوار والتشاور مع كل الفاعلين لاسيما منهم الشباب". وأضاف أنه على مختلف الشرائح بالجنوب "الابتعاد عن كل مامن شأنه المساس بهذا الاستقرار والالتفاف حول هذه المخططات التي تعود بالفائدة على سكان وشباب الجنوب". جاء ذلك عقب لقاء جمع الاطارات النقابية لولايات الجنوب (ورقلة، الاغواط، الجلفة، الوادي، بسكرة، اليزي، تمنراست، أدرار، تندوف، بشار، البيض والنعامة) بحاسي مسعود يوم الأربعاء بحضور الأمين العام السيد عبد المجيد سيدي سعيد، خصص للتطرق إلى انشغالات العمال وعلى رأسها ملف التعويضات لعمال الوظيف العمومي. وتمت الاشارة إلى اتفاق مع الحكومة لتنصيب لجنة مشتركة لتدارس هذا الملف واقتراح الحلول.