«إنّ السلاحَ جميعُ الناس تحملهُ.. وليس كلُّ ذواتِ المخلبِ السبع»، هو بيت للمتنبي يعجبني لحكمته ولتطابقه مع ما سأتطرق له؛ إذ ليس كل من يحمل السلاح مقاتلا مغوارا، وليس كل من يظهر بمظهر راق إنسانا متخلّقا مؤدّبا، فقد نجد بين المظهر والمخبر فجوة كبيرة، ونلحظ الفرق الشاسع من خلال تصرفات تُصدم! فكم من مرة تصادفنا صور صادمة بالفعل! ومن أمثلتها: رجل ببدلة أنيقة يقود سيارة من الطراز الرفيع يسير في الطريق العام أو السريع، يدخّن سيجارة وبعدها يلقي ببقاياها في الخارج، غير عابئ بمن أمامه! أو يأكل موزة أو برتقالة ويرمي بقشورها! والصادم أكثر أنّه قد يقوم بمثل هذه السلوكات غير الحضارية أمام أعين أطفاله، لتعمّ بذلك الكارثة التي تعود سلبا على تربية النشء وعلى البيئة أيضا؛ لأنّها أوّل المتضرّرين من مثل هذه الأفعال التي تنمّ عن شخصية مريضة، تعاني من مشكل ما رغم المظهر الجميل السليم! فكم من مظهر جذاب يخفي وراءه كمّا هائلا من السلوكات التي تعاب، والتي تصدمنا لسبب واضح، وهو انخداعنا بالمظهر، الذي لا يعكس دائما ما يخفيه المخبر! وكم من أناس قد نقلّل من شأنهم لتواضع هيئتهم وهم في الحقيقة أرفع الناس شأنا وخُلقا! وكم ممن نحسبهم أناسا ونهاب وقار هيئتهم وهم في الواقع أرذل خَلق الله سلوكا وأحطّهم أخلاقا! وهذا ما يؤكّد أن لا علاقة دائمة بين الشكل والمضمون، ولا ارتباط مطلق بين المظهر والمخبر؛ فليس كلّ ما يلمع ذهبا، وإن كنا ندرك ذلك إلاّ أنّ الإنسان قد يُخدع أحيانا حين يكون التنكّر أكثر من محكم.