فكّرتُ فعلا ليلتها في زيارة الرئيس الأمريكي لإسرائيل والأراضي المحتلة وما يمكن أن تسفر عنه هذه الزيارة من نتائج، بالتأكيد لا تكون لصالح الفلسطينيين ولا العرب، إذ بمجرد أن نمت رأيت نفسي في ساحة ملأى عن آخرها بأناس تبدو عليهم سمة البداوة يختالون جيئة وذهابا بلباس جعلهم يظهرون بمظهر المتحضّرين.. الناس جماعات جماعات يفترشون الأرض ينتظرون أمرا ما.. نُصّبت شاشات عملاقة في أطراف الساحة التي تبدو حسب رغبة الحلم مدينة حينا وقرية حينا آخر، وأحيانا قاعة استقبال أو سوقا من أسواق بغداد العتيقة أو الشام.. الأعناق مشرئبّة نحو الشاشات العملاقة.. وفي انتظار ما هو آت عرضوا لهم تجزيةً للوقت أفلاما كرطونية متحركة، ثم أفلاما لصور متحركة صامتة، فتراهم سكارى بما يشاهدون، ويعلّقون على كل لقطة، ويتفاعلون مع كل مشهد، وعندما تُعرض عليهم لقطة غير محتشمة يتململون ويسكنون، ويقوم بعضهم فيصيحون أو يصفّرون.. سألت بعضهم: ماذا تنتظرون؟ فأجابوني دفعة واحدة: ”ننتظر أوباما، ننتظر خطاب الرئيس الأمريكي، فقد وعدنا أن يكون منصفا عادلا، وها هو قد حل اليوم ليبرّ بوعده، ويقول كلمة حق ويُنصفنا ولو كلّفه ذلك التخلي عن إسرائيل ومشروعها وتفوّقها”.. الإسرائيليون في الضفة الأخرى من الساحة واجمون خائفون.. جاء أوباما مهرولا صاعدا ليقف على منصة في شكل نجمة سداسية عملاقة، تحفّه من كل الجهات نجوم تناسلت عن النجمة الأم.. الشاشات العملاقة، بدورها، اختصرت ألوانها في الأبيض والأزرق دون غيرهما. تعالت الهتافات والتصفيقات والشعارات، وكانت من الجانب العربي أشد.. كان كل خطابه مدحا للعرب.. أثنى على كرمهم وقوة جلدهم في الصبر وتسامحهم مقابل ذم الإسرائيليين وظلمهم وتسلطهم و... فازداد حماس العرب، وهتفوا بحياة أوباما وأمريكا.. وتحمّس أوباما من جهته، فرفع يد أمريكا عن إسرائيل، وتخلى عن مناصرتها وتَعهّد بترجيح ميزان القوة لصالح العرب؛ لأن دولة إسرائيل المزعومة لا مكان لها اليوم، والصهيونية منبوذة مرفوضة، وأمريكا منذ اليوم تساند القضية العربية وتقف إلى جانب قضيتهم العادلة مقابل اعترافهم بدولة يهودية فقط، وهو شرط بسيط لا يقلّل من شأنهم كأمة صبورة متسامحة. هتف العرب طويلا بحياة أمريكا، وفرحوا بهذا النصر العظيم، وعمّت الأفراح والاحتفالات العالمَ العربي. ولمّا أفقت لم أَروِ الحلم لأحد سواك أنت همسا حتى لا أُسفَّه.