من التعليقات التي قرأتها حول خطاب أوباما، الذي ألقاه أول أمس في القاهرة، هذا الذي قال فيه صاحبه ''إن أوباما رئيس لن ولم ير العالم له مثيل، وإننا نعيش هذه الأيام لحظات تاريخية لن تتكرر، وواجب المثقفين والمفكرين العرب الالتفاف حوله والعمل معه لتحقيق السلام العالمي••• وعلى العرب والفلسطينيين أن يستفيدوا من وجود رئيس أمريكي على هذا القدر من الذكاء والتواضع• أوباما لن يتكرر فلا تتركوه وحيدا''• صحيح أن أوباما جاء بخطاب جديد وبكلام لم ينطق بمثله رئيس أمريكي قبله •• وصحيح أيضا أن خطاب أوباما أزعج ناتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلي، وزاد إصراره على وقف إسرائيل بناء المستوطنات وتمسكه بإنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة، تعيش جنبا إلى جنب مع الدولة العبرية •• وصحيح أيضا أنه لأول مرة يقرأ رئيس أمريكي خطابا على مسامع العرب، لم يكن لمسؤولين إسرائيليين دراية به، ولم يملوا عليه أفكاره أو أفكارهم التي يريدون تسويقها للعرب عبر أمريكا •• لكن ما لا يجب أن يغيب عن الأذهان، أن ما يهم أمريكا أوباما وغير أوباما هي مصلحة أمريكا أولا، فهو الآخر ينطلق من مصالح أمريكا الكونية ولا تهمه أزمة الشرق الأوسط بقدر ما يهمه كيف يحافظ على مكانة القوة الأكبر في العالم التي تريدها أمريكا لنفسها• ليس مستحيلا أن يكون هذا الخطاب، الذي وصف بالإيجابي، طريقة ذكية من الرئيس الذكي لدفع الأنظمة العربية ''الغبية'' على التعجيل بالتطبيع مع إسرائيل، وربما لهذا قال أوباما إن على العرب أن يدفعوا المزيد، متحدثا عن مبادرة السلام العربية، فهو لم يتحدث عن حق العودة الذي يراه فلسطينيو المهجر أهم من إقامة الدولة• وهل يكفي العرب أن يحييهم رئيسا أمريكيا ب ''السلام عليكم''، لينسوا كل الذل الذي لحقهم من أمريكا ودعمها لإسرائيل في كل حروبها معهم؟•• هل يكفي أن يقول للمسلمين إنكم ساهمتم في بناء الحضارة الإنسانية، لينسى هؤلاء الدعم الأمريكي لكل ما هو صهيوني ويهودي وتفضيله على المسلمين الذين ذاقت بهم أمريكا ذرعا منذ أحداث 11 سبتمبر؟! على أوباما أن يبدأ بتغيير الذهنيات والممارسات التي تمارسها أمريكا في العالم، ويمنعها من التدخل في كل شاردة وواردة تخص شعوب المعمورة• وعليه أن يجعل بلاده تكف عن دعم الأنظمة غير الديمقراطية في العالم العربي، إن كان حقا يريد أن يثق العرب في جديته، ولهذا كان عليه أن يدرك أن القاهرة ليست هي مركز ثقل العرب•