دعا البروفسور محمد حملاوي المتخصص في طب الأطفال، إلى تسطير سياسة وطنية مستعجلة خاصة بالأمراض النادرة. وأوضح البروفسور خلال منتدى المجاهد الخميس المنصرم، أن هذه السياسة لا بد أن تكون مسبوقة بجلسات نقاش وطنية حول هذه الأمراض، مشيرا إلى أهمية أن تشارك في الجلسات كل القطاعات المعنية بما فيها المشرع الجزائري ورجال الدين. وكشف البروفسور حملاوي خلال أبواب مفتوحة حول الأمراض النادرة، نُظمت في سياق التحسيس ولفت الانتباه إلى ضرورة التكفل الجدي بها، أن العمل اليومي مع أسر تضم على الأقل طفلا واحدا مصابا بنوع من الأمراض النادرة، يجعل المتخصصين يشددون على أهمية وضع استراتيجية وطنية خاصة بالأمراض اليتيمة في الجزائر، تماما مثلما تم وضع استراتيجيات خاصة بمرض السرطان أو السكري وغيرهما. وأسهب المتخصص في توضيح صورة معاناة الآباء، خاصة منهم الأمهات، في التعامل مع طفلهم المصاب بمرض نادر، إذ تبدأ المعاناة عند عدم الوصول إلى التشخيص الصحيح للمرض مبكرا بسبب نقص تكوين الكوادر الطبية حول الأمراض اليتيمة، إلا أن تلك المعاناة لا تنتهي عند هذا الحد وإنما تزداد حدة بعد التشخيص المتأخر، ليصطدم الآباء بنص التكفل الطبي وانعدام الأدوية الخاصة بأحد الأمراض اليتيمة، هذا ناهيك عن ارتفاع تكاليف بعض المنتجات الخاصة ببعض الأمراض، مثل أغذية مرضى السيلياك وحتى أقراص الأطفال مرضى الصرع، إذ يصل ثمن العلبة الواحدة إلى 3000 دينار. من جهة أخرى، تحدّث الأخصائي عن أهمية التشخيص قبل الولادة، مشيرا إلى إحصاء حالات لأجنّة مصابة بأنواع من الأمراض الوراثية وأخرى أمراض يتيمة ضمن أسر يربطها زواج الأقارب بالدرجة الأولى، «ولكن ما العمل في مثل هذه الحالات؟ هل نبادر كأطباء إلى إجهاض الجنين؟! لا يمكن ذلك؛ لأن الطبيب هنا غير محمي قانونا»، يقول البروفسور، موضحا أن الكثير من الأمهات يطرحن أسئلة واقعية حول إمكانية ولادة طفل مصاب بمرض وراثي انطلاقا من تاريخ الأسرة الصحي، ولكن لا يملك الطبيب أي إجابة في ظل نقص الحماية القانونية للأطباء، «وعليه نرفع من هذا المنبر دعوة إلى المؤسسات الرسمية بما فيها وزارات الصحة والتضامن والتربية والعدالة والشؤون الدينية، لتنظيم جلسات وطنية تناقش خلالها إشكالية التدخل الطبي أثناء اكتشاف مرض نادر لدى الجنين، هل يتم الإجهاض أو الحفاظ عليه والإقرار بولادته، علما أنه يحمل جينات مرض نادر؟ وهل فيه تكفل طبي متعدد التخصصات لضمان حق هذا الجنين في تكفل طبي متكامل بعد ولادته؟!.. ونؤكد أن هذه الدعوة تُعد مطلبا مجتمعيا صدر عن صبر الآباء في تعاملهم مع أمراض أطفالهم اليتيمة». ويضيف المتخصص: «نريد إجابة جزائرية نابعة من صلب الحياة المجتمعية الجزائرية وليس إسقاطا لتجارب دول مسلمة في هذا السياق، لأن الواقع اليوم يشير إلى نسب نجاح مبهرة حققتها السعودية والأردن، على سبيل المثال، في مسألة تشخيص الأمراض النادرة قبل الولادة، بلغت نسبها حدود ال 60٪، مع العلم أن الجزائر تملك مهارات طبية عالية الكفاءة، وأجهزة طبية متطورة، وعليه نريد إشراك الخبراء والمثقفين ورجال الدين والقانون في هذه المسألة بالغة الحساسية؛ حمايةً للصحة العمومية والمجتمع ككل»، يختم البروفسور حديثه. للإشارة، فإن الجمعية الجزائرية لتناذر ويليامز وبوران قد دعت أيضا في سياق سياستها التحسيسية، إلى إدماج كامل للأطفال المصابين بمرض نادر أو حتى المعاقين في أقسام خاصة بالمؤسسات التعليمية، وهو ما علّقت عليه فايزة مداد رئيسة الجمعية خلال اللقاء، بالقول إن عددا قليلا من مدارس العاصمة قد خصَّص قاعات لهؤلاء دون تحديد العدد، موضحة أن هذه المبادرة تبقى محتشمة للغاية، داعية وزارتي التربية والتضامن إلى إيلاء أقصى الاهتمام بهذا الموضوع.