يشكو العديد من زوار بعض مستشفيات مدينة قسنطينة من نقائص عديدة صارت تشكل خطرا على صحة المرضى، خاصة ما تعلق بغياب النظافة، رغم الأموال المرصودة والمجهودات المبذولة، والتي لم تظهر نتائجها في الميدان، مما جعل المواطنين يتساءلون عن ذلك، وقد وقفت ”المساء” في استطلاعها على جملة المظاهر غير اللائقة بقطاع الصحة، والتي يتعين أن تعجل الإدارة الوصية بإزالتها. فرغم أن المؤسسة الاستشفائية لأمراض النساء والتوليد لسيدي مبروك بقسنطينة تعد وجهة النساء من مختلف ولايات الشرق الجزائري، فإنها صارت مثالا حيا عن غياب النظافة وانتشار الأوساخ، خاصة بغرف المرضى وأروقتها، ورغم مجهودات الإدارة وتخصيص ميزانية لمواد التنظيف، إلا أن ذلك لم ينعكس بشكل كبير على حالة النظافة، حيث تقشعر الأبدان بمجرد دخولك لغرف المرضى ورؤيتك للدماء على الأرضية. وحتى عملية الترميم والتزيين لهذه الغرف تمت بطريقة سريعة وترقيعية، ونستنج ذلك مباشرة بمجرد ملاحظة قاطعات الكهرباء بالغرف، إذ تم دهنها مع الجدران دون مبالاة، كما أن بعض أشغال الترميم لا تحترم أوقات الزيارات، زد على ذلك انتشار الصراصير، والتلاعب في الوجبات، حسب بعض المريضات اللواتي ذكرن لنا أن بعض العاملات يقمن بتحويل الأطعمة التي لا تتناولها المريضات إلى حسابهن الخاص، مع عدم التصريح بذلك لدى الإدارة. وتبرر إدارة المستشفى على لسان مديرها، عجزها عن تحكمها في النظافة نظرا للعدد الكبير من المريضات اللائي يقصدن المستشفى من قسنطينة، وحتى من الولايات المجاورة على غرار سكيكدة، ميلة، جيجل، أم البواقي وتبسة، حيث أضحت هذه المؤسسة ملاذا تفضله النسوة بالنظر إلى سمعتها وإلى الإمكانيات المادية والبشرية التي يضمها هذا الصرح الصحي الذي يعود إلى الحقبة الاستعمارية.
الصراصير تغزو أرشيف الرضع وقاعة فحص الرضّع وإذا كان هذا هو الحال بعيادة الولادة بسيدي مبروك، فإن الأمر لا يختلف عنه بالمستشفى الجامعي الحكيم ابن باديس، الذي نستطيع أن نصنفه في خانة ”المدن الصحية”، بالنظر إلى مساحته الكبيرة وعدد المصالح التي يضمها، حيث تبقى النظافة من بين آخر الاهتمامات لدى إدارة وعمال المستشفى، ولن يجد الزائر صعوبة في الوقوف على ذلك، فبمجرد زيارة مصلحة من المصالح التي يكثر عليها الإقبال، تجد نفسك أمام واقع بعيد كل البعد عن طموحات الوزارة في إصلاح المستشفيات، على غرار مصلحة علاج أمراض السرطان، مصلحة الولادة وغرف المرضى التي تنبعث منها روائح كريهة، تشكل عائقا للمرضى من جهة وللطاقم الطبي الذي يعمل في ظروف صعبة ويبذل مجهودات جبارة من جهة أخرى. ولعل أغرب ما وقفنا عليه بهذه المصلحة، هو وضع أرشيف المصلحة ودفاتر الولادة داخل قاعة فحص الأطفال حديثي الولادة، حيث تشكل هذه الأوراق القديمة المحملة بالغبار والحشرات، على غرار الصراصير، والموضوعة على بعد عشرات السنتيمترات من مكان الفحص، خطرا محدقا بمواليد لا يتعدى عمرهم الأسبوع الواحد، خاصة إذا علمنا أن مقاومة هؤلاء الأطفال للأمراض تكاد تكون شبه منعدمة، وقد يعود هذا الأمر لتضرر القاعة المخصص للأرشيف بتساقط الأمطار الأخيرة، مما استدعى نقله إلى أماكن أخرى، من بينها قاعات الفحص. للإشارة، فقد حاولنا الاتصال بالمدير الجديد للمستشفى، السيد روابحي، للاستفسار عن هذه الوضعية، إلا أن هاتفه كان يرن دون إجابة.
عيادات جديدة صنعت الاستثناء بعيدا عن هذه الأجواء التي لا تليق بقطاع الصحة في الولاية، صنعت بعض المستشفيات القديمة، على غرار مستشفى أحمد عروة ببلدية زيغود يوسف، مستشفى محمد بوضياف ببلدية الخروب أو العيادات متعددة الخدمات التي دشنت حديثا، على غرار عيادة بومرزوق وعيادة التوت، صنعت الاستثناء وعكست صورة إيجابية عن القطاع الصحي بعاصمة الشرق الجزائري، حيث يقف الزائر لهذه المنشآت الصحية على الاهتمام الذي يوليه القائمون على هذه المرافق من خلال المحيط الصحي اللائق والحرص على التكفل بالنظافة داخل محيط هذه المؤسسات أو داخل عرف الفحص، وهو الأمر الذي جعل الزائرين لهذه المرافق الصحية يتمنى أن تعمم هذه التجربة على باقي المؤسسات والعيادات الصحية بمدينة قسنطينة، وحتى بالبلديات المعزولة التي تفتقر عياداتها لأدنى شروط العمل، حتى لا نقول النظافة.