لم تشفع الاعتذارات التي قدمها بولانت ارنتش، نائب الوزير الأول التركي للمتظاهرين في ساحة تقسيم في قلب مدينة اسطنبول على تعسف قوات الأمن تجاههم، في محاولة لإقناعهم بالعدول عن مظاهراتهم الاحتجاجية وقرروا الخروج ولليوم السادس على التوالي إلى هذه الساحة، في مسعى للضغط على حكومة الوزير الأول رجب طيب أردوغان. وما انفكت المظاهرات تتوسع رقعتها والشرائح الاجتماعية التي تشارك فيها بعد أن دخلت مختلف النقابات العمالية على خط الحركة الاحتجاجية، في محاولة منها لدعم مطالب المتظاهرين المنادية برحيل الوزير الأول التركي. وانضم آلاف المتظاهرين إلى المحتجين تلبية لنداء كنفدرالية نقابات القطاع العام والكنفدرالية النقابية للعمال الثوريين في ساحة تقسيم، في مسعى لدعم مطالبهم، ودعت إلى مسيرات احتجاجية في كبريات المدن التركية. وهو المشهد الذي عاشته العاصمة أنقرة التي عرفت تنظيم أكبر مسيرة احتجاجية شارك فيها عشرة آلاف متظاهر، ومدينة ازمير ثالث المدن التركية التي شهدت خروج المتظاهرين إلى شوارعها للاحتجاج على درجة العنف التي تعاملت بها قوات الأمن التركية تجاههم. وطالب المحتجون من نائب الوزير الأول ارنتش، الذي التقى بقيادات المتظاهرين بطرد مسؤولي أجهزة الأمن في مختلف المدن التركية بما فيها أنقرةواسطنبول، وإطلاق سراح كل المتظاهرين الذين تم اعتقالهم في زخم المواجهات التي اندلعت خلال اليومين الأولين للمظاهرات، والتخلي عن مشروع إعادة تهيئة ساحة تقسيم واحترام حرية التعبير ومنع استعمال القنابل المسيلة للدموع. ويترقب المتتبعون، عودة الوزير الأول طيب رجب اردوغان من جولته المغاربية لمعرفة موقفه من هذه المطالب التي تبقى مسألة تلبيتها حاسمة لوقف تداعيات الأوضاع، وسط إصرار المتظاهرين على مواصلة مسيراتهم المطلبية. وربط المحتجون مستقبل حراكهم بمدى تجاوب الحكومة مع مطالبهم المقدمة لنائب الوزير الأول، الذي التقى بممثليهم في محاولة لنزع فتيل احتجاجات أصبحت تنذر بما هو أسوا. وانتقلت مطالب المتظاهرين، من مجرد مطالب لحماية البيئة إلى مطالب سياسية مست الحريات الفردية والعامة، وهو ما جعل الوزير الأول التركي يتهم الحزب الشعبي المعارض بتحريك المتظاهرين لتمرير مواقفه السياسية عبرهم. وتمكن المتظاهرون من توسيع صفوفهم باستخدام وسائط التواصل الاجتماعي، وهو ما روج لأفكارهم، مستغلين في ذلك رد فعل قوات الشرطة العنيف ضدهم. ولكن الاجتماع الأول من نوعه بين المتظاهرين ومسؤول حكومي لم يمنع من تجدد المواجهات بين المتظاهرين وقوات الشرطة، التي لم تتوان في استعمال القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه الساخنة لتفريق الآلاف منهم لمنعهم من الوصول إلى مقر الوزارة الأولى. وانزلق الوضع، رغم أن بولانت ارنتش استعمل لغة مهادنة باتجاه المتظاهرين وأيد مطلبهم لحماية البيئة في مدينة اسطنبول الذي كان سببا في اندلاع المواجهات، وذهب إلى أبعد من ذلك عندما طمأن كل الأتراك بأن حزب العدالة والتنمية يحترم نمط معيشة كل شرائح وفئات المجتمع التركي، في رسالة واضحة لنفي اتهام الحكومة بالعمل من أجل فرض الإسلام على الجميع