تحتضن الجزائر يومي 28 و 29 جوان الجاري، اجتماع مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، حيث ينتظر أن يبحث الأوضاع في مالي والصومال والقرن الإفريقي، وأشار مصدر دبلوماسي ل«المساء" أنه سيتم خلال هذا الاجتماع أيضا تعزيز التنسيق فيما يتعلق بالقضايا ذات الاهتمام المشترك. وأوضح المصدر، أنه سيتم خلال هذا الاجتماع أيضا التركيز "على أهمية استمرار التعاون بين الدول الأفريقية لتحقيق الأهداف المشتركة للسلام والأمن، وبحث الأوضاع في مالي والصومال والقرن الإفريقي، وتعزيز الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، وإرساء حكم القانون في القارة". وكان آخر اجتماع لمجلس السلم والأمن للاتحاد قد انعقد شهر جانفي الماضي بأديس أبابا، حيث شارك فيه الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، ممثلا لرئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، وتم خلاله دراسة ومناقشة آخر التطورات التي تعرفها مالي، مع البحث عن حل فوري ودائم لهذا النزاع وتداعياته على بلدان الجوار، إلى جانب دراسة الوضع في البحيرات الكبرى خاصة التمرد المسلح لحركة "أم 23" بشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وكذا الأزمة بجمهورية إفريقيا الوسطى. ويأتي اجتماع الجزائر المرتقب نهاية الشهر، بعد مشاركة الوزير الأول في الدورة العادية ال21 لندوة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي التي انعقدت يومي 26 و 27 ماي الماضي بالعاصمة الإثيوبية، في إطار إحياء الذكرى الخمسين لتأسيس منظمة الوحدة الإفريقية- الاتحاد الإفريقي، حيث خصصت لموضوع النزعة الإفريقية ونهضة القارة وبحث النزاعات على مستوى القارة، إلى جانب المشاركة أيضا في اجتماع لجنة رؤساء الدول العشر حول إصلاح منظمة الأممالمتحدة، والاجتماع ال29 لرؤساء دول وحكومات اللجنة المكلفة بتوجيه النيباد والدورة ال19 للمنتدى الإفريقي للتقييم من قبل النظراء . وكان السيد سلال قد أشار خلال أشغال القمة أن"الانتصارات الكبرى المحققة في هذا النضال التاريخي تنتظر تتويجا، من خلال استكمال تصفية الاستعمار في القارة الإفريقية، بتمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه الثابت في تقرير مصيره"، مضيفا أن هذا الحدث يمثل مناسبة "لتجديد تكريمنا للآباء المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية الذين أعطوا شكلا ومحتوى للروح الإفريقية المثلى، التي أعلن عنها في بداية القرن الفارط أبناء القارة الإفريقية والشتات". وأبرز السيد سلال الأهمية التي توليها الجزائر للاحتفال بالذكرى الخمسين للوحدة الإفريقية، باعتبارها تكتسي "مدلولا مزدوجا بالنسبة للجزائر، لأنها تصادف احتفالات خمسينية استرجاع استقلالها"، مؤكدا أن "الجزائر لطالما اقترنت بإفريقيا خلال نضالها الطويل من أجل استرجاع استقلالها"، انطلاقا من أن "ثورتها اندرجت في الإطار الشامل لحركات التحرر للقارة". وانطلاقا من قناعتها بالنهوض بالواقع الإفريقي، فقد ترجمت الجزائر هذه الإرادة بإجراءات ملموسة تعكس تضامنها مع دول القارة الأكثر فقرا، من خلال قرارها الأخير بإلغاء ديون 14 بلدا إفريقيا بقيمة 1 مليار دولار . كما أن الجزائر كثيرا ما أكدت على ضرورة تحقيق الانسجام بين الثورة التحريرية وتحرير القارة، ويكفي أن نستشهد في هذا الصدد، بمقولة الرئيس الأسبق الراحل أحمد بن بلة" لنقبل جميعا بالموت قليلا وحتى الموت كليا لكي لا تكون الوحدة الإفريقية كلمة جوفاء". وكثيرا ما دعت الجزائر إلى ضرورة تطبيق مبدأ اللجوء إلى الحلول الإفريقية، الذي سمح بتسوية العديد من الأزمات والنزاعات، ولعل استضافتها لاجتماع مجلس السلم والأمن نهاية الشهر، والذي سيتطرق إلى أزمة مالي وبقية النزاعات الأخرى، يشكل دليلا على الأهمية التي توليها بلادنا لإضفاء المصداقية على الاتحاد الإفريقي، علما أنه كانت لديها مواقف معارضة بخصوص كيفية التعاطي مع العديد من الأزمات داخل القارة بسبب التدخل الأجنبي كما هو الشأن لأزمة ليبيا، في الوقت الذي تتمسك فيه بأهمية بعث الحوار السياسي في مالي رغم التدخل العسكري الذي تقوده فرنسا. ويذكر، أن مجلس السلم والأمن الإفريقي تم اقتراحه في مؤتمر لوساكا عام 2001 وتأسس عام 2004، بموجب بروتوكول القانون التأسيسي الذي اعتمدته الجمعية العامة للاتحاد الإفريقي في جويلية 2002. ويعرّف البروتوكول المجلس على أنه المحقق للأمن الجماعي للشعوب والباعث للإنذارات المبكرة في الوقت الفعّال والمناسب للأزمات والصراعات بإفريقيا، كما يسند البروتوكول مسؤوليات أخرى إلى المجلس تشمل منع وإدارة وتسوية الصراعات، وضع سياسات للدفاع المشترك، وإعادة بناء وتأسيس السلام بعد انتهاء الصراعات. ويضم مجلس السلم والأمن 15 عضوا ينتخبون على أساس إقليمي من قبل الجمعية العامة.