قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أمس، بتحقيق "تقدم حقيقي في مسار السلام" بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولكنه اعترف أن ذلك يبقى غير كاف وأنّ عملا إضافيا ينتظره لإزالة آخر العقبات التي تحول دون جلوس طرفي الصراع إلى طاولة مفاوضات مباشرة. وذهبت تصريحات المسؤول الأمريكي إلى نقيض ما قاله كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات بعدم تحقيق أي تقدم، بل وذهب إلى حد التأكيد بوجود هوة شاسعة بين مواقف طرفي عملية السلام. ولكن الوزير الأمريكي عندما أكد على هذا التقدم، لم يشأ الإشارة إلى حقيقة ما تم إنجازه خلال هذه الجولة الخامسة التي يقوم بها منذ توليه مقاليد الخارجية الأمريكية بداية العام الجاري.وأنهى جون كيري مساعي وساطته بين العاصمة الأردنية، حيث يوجد الرئيس الفلسطيني محمود عباس والقدسالمحتلة، حيث يوجد الوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتانياهو حاملا مقترحات هذا وردود فعل ذاك ومواقف كل منهما حيال عملية سلام توقفت منذ ثلاث سنوات. وقال قبل مغادرته القدس الغربية باتجاه مملكة بروناي لحضور اجتماع وزراء خارجية دول جنوب آسيا، "اعتقد أنه ببذل جهد صغير، فإن بداية المفاوضات حول الوضع النهائي أصبحت على مرمى حجر". ولتدعيم موقفه، قال كيري بعد أربعة أيام قضاها في المنطقة وعدة جلسات من المفاوضات مع نتانياهو وعباس "إننا بدأنا مهمتنا وسط خلافات حادة، ولكننا تمكنا من تضييق الهوة بين الجانبين بشكل كبير"، مفضلا التكتم على درجة هذا التقدم ومدى إمكانية اعتماده لتحريك عملية السلام، واكتفى بالقول بوجود بعض العقبات وأن الجانبين يعملان بإرادة حسنة من أجل التوصل إلى نتيجة ملموسة.وهي الإرادة الحسنة التي أبداها الجانب الفلسطيني، وأكد عليها عريقات عندما قال إنه "لا أحد سيستفيد من إحلال السلام أكثر من الفلسطينيين، ولا أحد يعاني أكثر منهم بسبب عدم التمكن من تحقيقه". وإذا كان جون كيري فضل التكتم على حقيقة ما جرى وما تم تحقيقه والعقبات التي جعلته يتحفظ عن الكشف عما أنجزه، فإن كل الدلائل تؤكد أن سياسة الاستيطان التي اعتمدتها إسرائيل لفرض الأمر الواقع على الفلسطينيين هي التي حالت دون تحقيق أي تقدم. وهو الأمر الذي لمح إليه صائب عريقات عندما اتهم إسرائيل بمحاولة استئناف المفاوضات، في نفس الوقت الذي تواصل فيه عمليات الاستيطان ونهب مزيد من الأراضي الفلسطينية وفق مثال "أخذ الزبدة وثمن الزبدة". والمؤكد، أن عقبة الاستيطان كانت السبب المباشر في فشل مهمة كيري، بعد أن تمسك كل طرف بموقفه المبدئي بين حكومة احتلال تصر على رفضها المطلق لوقف هذه السياسة وسلطة فلسطينية تصر من جهتها على عدم العودة إلى الطاولة ما لم تلتزم إسرائيل بوقفها. وحسب مصادر فلسطينية، فإن الرئيس عباس شدد التأكيد خلال الجلسات التي عقدها مع كيري بأن الطرف الفلسطيني سيضطر إلى اللجوء إلى الأممالمتحدة خلال جمعيتها العامة شهر سبتمبر القادم للمطالبة بعضوية كاملة في الهيئة الأممية في حال أصرت حكومة الاحتلال على رفض كل مسعى لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. وأضافت "أن عباس اشترط أن يستمر وقف البناء الاستيطاني الإسرائيلي وبالتوازي مع أي مدة للمفاوضات". وكان جون كيري يعتزم عقد ندوة صحفية بعد ثالث لقاء جمعه بالرئيس محمود عباس بالعاصمة الأردنية، ولكنه اضطر إلى إلغائها بسبب عدم تحقيقه لأي تقدم عن طريق التسوية النهائية لهذا النزاع، وهو الذي كان سيخصصه للإعلان عن قمة بين نتانياهو وعباس ولكن حساباته ذهبت إدراج رياح الرفض الإسرائيلي للشروط الفلسطينية.