دخل ترامواي قسنطينة خلال الأيام الفارطة حيز الخدمة التجارية، بعد شهر كامل من الخدمة التجريبية أو ما يعرف بالاستغلال غير التجاري، وقد أعطى وزير النقل، السيد عمار تو شخصيا عشية الاحتفالات بالذكرى ال51 لعيدي الاستقلال والشباب، الترخيص بالاستغلال التجاري لخط الترامواي الأول بقسنطينة، الذي يربط بين المحطة الرئيسية بملعب “بن عبد المالك رمضان” داخل النسيج العمراني لوسط المدينة، والمحطة متعددة الأنماط بحي زواغي سليمان قرب المطار الدولي “محمد بوضياف”، مرورا بجامعة “الأمير عبد القادر” وجامعة “منتوري”، على مسافة 8.1 كلم. وقد شهد اليوم الأول من دخوله حيز الخدمة الفعلية، إقبالا كبيرا من طرف المواطنين القسنطينيين من الشباب والأطفال بغية إشباع الفضول، خاصة وأن الركوب يومها كان مجانيا. وقد تحول الترامواي الذي حددت ساعات عمله من الساعة الخامسة صباحا إلى غاية العاشرة ليلا وتمتد إلى الواحدة صباحا خلال شهر رمضان، من وسيلة نقل عادية تربط بين أطراف المدينة، إلى وسيلة استجمام وسياحة للعائلات القسنطينية، خاصة بعد الإفطار، حيث تعرف محطاته إقبالا كبيرا من طرف العائلات التي تخرج ليلا في جولات سياحية بين وسط المدينة وزواغي، حيث يقول شراف 50 سنة رب عائلة؛ إنه يتوجه إلى وسط المدينة رفقة عائلته مستعملا سيارته الخاصة، قبل أن ينزل الجميع بمحطة “بن عبد المالك” ليستقلوا عربات الترامواي باتجاه زواغي ذهابا وإيابا، رغم أن سعر التذكرة المقدر ب40 دج باهضا نوعا مقارنة بالمسار الذي لا يتعدى 8 كلم، إلا أنه وجد متعة كبيرة في التنقل عبره رفقة عائلته، خاصة في ظل توفر ظروف الأمن والراحة، متمنيا أن يحافظ القسنطينيون على هذا المكسب الذي يعد مفخرة لعاصمة الشرق الجزائري. وتأسف محدثنا لغياب الإنارة عبر محيط السكة، حيث قال؛ إن الأمر بسيط وسيكون جد رائع لو فكرت السلطات المعنية في إنارة فنية لمحيط الترامواي حتى يتسنى للركاب التمتع بالمناظر الجميلة والسياحية خلال التنقل في الفترة الليلة. من جانبه، طالب الشاب بدر، 29 سنة، من الشركة المكلفة باستغلال وصيانة الترامواي بضرورة مراجعة الأسعار وضبطها مع المسافة المقطوعة، خاصة أن بعض المواطنين الذين يتنقلون لنصف المسافة أو حتى ربعها أو بين محطة وأخرى تليها في مسافة لا تتعدى 2 كلم، يضطرون لاقتطاع تذكرة ب 40 دج، شأنهم شأن الركاب الذين يقطعون مسافة 8 كلم إلى المحطة النهائية. شريحة أخرى من المواطنين وجدت ضالتها فيه، خاصة سكان زواغي سليمان وضواحيه الذين أصبحوا يتنقلون صباحا ومساء إلى وسط المدينة لقضاء حوائجهم، دون عناء أو خوف من عدم إيجاد وسيلة نقل أثناء عودتهم، وسمح الترامواي أيضا لعدد من رواد المساجد بالصلاة في مسجد “الأمير عبد القادر”، خاصة أثناء صلاة الجمعة وحتى التراويح، وهو أمر كان يصعب على العديد ممن لا يملكون سيارات خاصة، أو حتى على الذين يملكونها بسبب صعوبة إيجاد مكان لركن المركبات في محيط المسجد، وشهد مسجد “ابن العربي” بحي النخيل المعروف عند القسنطينيين بالصورة المصغرة لمسجد “الأمير عبد القادر” خلال شهر رمضان إقبالا كبيرا من طرف المصلين، خاصة عند صلاة التراويح. فئة أخرى رحبت بالترامواي واستحسنته، وهي فئة طلبة الجامعة، خاصة من سكان الإقامة الجامعية الموجودة على مساره، على غرار إقامة “نحاس نبيل” و”عائشة أم المؤمنين” للبنات، “8 نوفمبر 1971”، “منتوري” و«زاغي سليمان” للذكور، حيث سيسمح الترامواي لهذه الفئة بالتنقل إلى الجامعة المركزية “زرزارة” ومجمع “زواغي سليمان” دون عناء، كما سيسمح لهم بالتنقل إلى وسط المدينة في وقت قياسي بعيدا عن الازدحام المعهود في حركة المرور. ويطمح القسنطينيون أن يحدث الترامواي ثورة في قطاع النقل بعاصمة الشرق الجزائري، خاصة في قضية تغيير الذهنيات وفرض سلوكات جديدة، في انتظار توسعة المشروع المزمع نحو مطار “محمد بوضياف” الدولي على مسافة 2 كلم، انطلاقا من محطة “زواغي سليمان” والمدينة الجديدة علي منجلي على مسافة 11 كلم. للإشارة، فان ترامواي قسنطينة الذي يشغل أكثر من 500 شاب عن طريق الوكالة الوطنية لتشغيل الشباب، تلقوا تكوينا قصيرا، هو وسيلة نقل أكيدة، مريحة وسريعة تضم 27 عربة بإمكانها نقل 6800 شخص في الساعة، وفي الاتجاه الواحد عبر 10 محطات، أي 39,5 مليون راكب في السنة، وأن مدة الرحلة الواحدة ذهابا تستغرق نصف ساعة على امتداد 08 كلم بمعدل سرعة 20 كلم في الساعة. وتتواجد على خط الترامواي الذي تسيّره الشركة الفرنسية لاستغلال منشآت الترامواي “سيترام” 3 أقطاب تبادل، سيسمح باستقبال الخطوط المتجهة جنوبا، وتعتبر هذه الأقطاب الثلاثة مساحات مفتوحة تهدف إلى تسهيل التنقل عبر مختلف وسائل النقل كسيارات الأجرة، الحافلات، القطار، أما محطة الترامواي النهائية بحي “زواغي سليمان” فهي مجهزة بمصاعد وسلالم ثابتة وميكانيكية.