أكدت مصادر تونسية مطلعة أن تونس تقدمت بطلب إلى الجزائر لإيجاد آليات أمنية بين جيشي البلدين لحماية مناطق حدودية بجنوب تونس، مشيرة في تصريح ل«المساء" إلى أن السلطات التونسية، طلبت من الجزائر عقب الاعتداء الإرهابي على قوات الجيش التونسي الذي راح ضحيته 8 عسكريين تونسيين بجبال الشعانبي تعزيز التنسيق الأمني من أجل حماية الحدود الجنوبية المتاخمة لليبيا. ويأتي الطلب التونسي ليعكس حجم التحدي الذي بات يفرضه التعاون الأمني، في الوقت الذي سبق للبلدين أن أكدا على أهمية تعزيز حماية الحدود لاسيما على ضوء الاضطرابات التي تعرفها بعض دول الجوار. وتظهر إرادة تونسية كبيرة للاستفادة من التجربة الجزائرية في التصدي لظاهرة الإرهاب في ظل استغلال مسلحين الأوضاع المتدهورة لتنفيذ مخططاتهم من خلال التنقل عبر الحدود. ويندرج الطلب التونسي في سياق سد المنافذ أمام الإرهابيين ومخاوف من تفاقم الوضع أمام التطورات الأخيرة التي شهدها هذا البلد، وهو ما يتطابق مع تصور الجزائر التي أكدت في مناسبات عدة على حتمية التعاون بين دول الجوار، باعتبار أن ظاهرة الإرهاب لا تستثني أية دولة، ولعل الاعتداء على المنشأة الغازية بتيقنتورين أبرز دليل على ضرورة حماية الحدود بعد أن تبين أن منفذي العملية دخلوا عبرها. كما يدحض الطلب التونسي الادعاءات المغرضة التي استهدفت الجزائر بعد أن اتهمتها بعض الأطراف التونسية بضلوعها في الاضطرابات التي يعرفها هذا البلد، وهو ما أدانته الجزائر بشدة، واصفة ذلك بأنه "محاولة استغلال وتضليل ترمي إلى تغليط الشعب التونسي في الوقت الذي يتجند فيه هذا الأخير لمواجهة الإرهاب". وفي المقابل، نزهت تونسالجزائر عن هذه الاتهامات التي وجهتها يوم الخميس الماضي وسائل إعلام وصفحات تواصل اجتماعي تونسية للجزائر، رافضة كل ما من شأنه أن يمس بأمن واستقرار تونس، بالنظر إلى ترابط أمن البلدين ووحدة مصير الشعبين الشقيقين تاريخا وحاضرا ومستقبلا. كما أن الواقع يدحض ما ذهبت إليه هذه الأطراف في الوقت الذي كشفت فيه مصادر إعلامية تونسية عقب الاعتداء، أن الأمن الجزائري مكن نظيره التونسي من الكشف عن تحصن 53 إرهابيا في منطقتين جبليتين محاذيتين للحدود، 45 مسلحا بمنطقة بئر أولاد نصر الله و8 آخرين بمنطقة رأس الثور. وفي هذا الصدد، أشار وزير الداخلية والجماعات المحلية، السيد دحو ولد قابلية، على هامش زيارة الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، لولاية تيارت، إلى أنه بموجب التطورات الأخيرة على الحدود الشرقية للوطن فقد تم تعزيز الوجود العسكري و«أن البلدين يكثفان تبادل المعلومات الأمنية لمكافحة التشدد الإسلامي". مضيفا أن "هناك تبادل للمعلومات الأمنية بين الجزائر وجيرانها قصد محاربة مختلف الآفات التي تهدد أمن واستقرار المنطقة منها الإرهاب". كما أن التأكيد على وجود التعاون في المجال الأمني بين البلدين مثلما جاء في تصريح وزير الداخلية، يضع اتهامات بعض الأطراف التونسية خارج السياق، كونها لا تستند إلى أي منطق أو مبرر مقنع، انطلاقا من أن الفوضى واللااستقرار لا يندرجان ضمن السياسة الخارجية للجزائر التي تحرص دوما على استتباب الأمن في دول الجوار، حيث نذكر في هذا السياق مشاركة الجزائر، شهر مارس من السنة الماضية، بطرابلس (ليبيا)، في أشغال الندوة الوزارية الإقليمية حول أمن الحدود ممثلة بوزير الداخلية والجماعات المحلية السيد دحوولد قابلية من أجل البحث عن تنسيق المواقف. وكانت الندوة قد جمعت بالإضافة إلى الجزائر كلا من ليبيا والنيجر والتشاد والمغرب وتونس والسودان ومصر، في حين شارك كل من الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي كملاحظين. كما سبق لسفير تونسبالجزائر، السيد حشانة محمد نجيب، أن صرح، شهر أفريل الماضي، من وهران بأن التعاون الأمني بين البلدين يشكل الحلقة القوية للعلاقات الثنائية. يذكر في هذا الصدد أن زيارة رئيس الحكومة التونسي، السيد حمادي الجبالي، للجزائر أكدت على دعم وتكثيف الجهود لمواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار بالمخدرات والتهريب. كما سجلت الجزائروتونس بارتياح توصلهما لوضع مشروع ورقة طريق مشتركة لتنمية المناطق الحدودية واتفاقهما على رؤية استشرافية مشتركة لتطوير التعاون الثنائي وتوسيع آفاقه المستقبلية.