دخل وزراء خارجية قطر والإمارات العربية وموفدي لجنة حكماء الاتحاد الإفريقي، بالإضافة إلى موفدو الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة سباقا ضد الساعة في محاولة لافتكاك اتفاق مبدئي بين فرفاء الأزمة المصرية قبل حلول عيد الفطر. ويخشى أن يكون مرور هذه المناسبة الدينية المقدسة لدى المسلمين بمثابة الضوء الأخضر لقيادة الجيش المصري بتنفيذ وعيدها بالتدخل لإخلاء ساحة رابعة العدوية من قرابة أربعة ملايين مصري من أنصار الرئيس محمد مرسي المعتصمين هناك منذ أكثر من شهر، مع كل ما يعنيه ذلك من مخاطر على مجتمع مصري انقسم على نفسه إلى قسمين متناحرين. ولأجل تفادي ذلك، لا يريد وليام بيرنز مساعد وزير الخارجية الأمريكي رمي المنشفة في منتصف طريق مساعي الوساطة التي شرع فيها بداية الأسبوع، في محاولة لإنهاء حالة الاحتقان السياسي في مصر. وأبقي بيرنز الدبلوماسي الأمريكي المعروف على حظوظ مساعيه في النجاح وفضل البقاء في القاهرة المدة التي تستدعيها مهمته لقناعته، أن المعضلة المصرية تتطلب جهودا دبلوماسية مكثفة وصبرا تفاوضيا مع الفرقاء، بالنظر إلى طبيعة هذه الأزمة وبسبب بلوغها عتبه المأزق المتعفن. وهي الصورة التي آل إليها الوضع في مصر، عندما تمسك كل طرف بمواقفه المتشددة، رافضة كل فكرة لتقديم تنازلات للطرف الآخر، على خلفية أن كل تراجع يحسب عليه وأن ذلك يعد استكانة للطرف الخصم، وبالتالي تفادي خسارة القبضة المحتدمة منذ نهاية جوان الماضي. وهو ما عكسه قرار الولاياتالمتحدة بتمديد مهمة بيرنز، بعد أن أكدت بطريقة ضمنية فشل مساعيها إلى حد الآن في التوصل ولو إلى أرضية توافقية يمكن اعتمادها لبدء مفاوضات تنهي حالة العطل الذي أصاب بلدا بحجم مصر منذ أكثر من شهر. وتأكد من خلال بقاء بيرنز في القاهرة كل هذه المدة، في مهمة كان مقررا لها أن تنتهي مساء السبت الماضي، أنّ واشنطن متخوفة من ديمومة وضع يوشك أن ينفجر، ويكون ذلك هو الذي جعل الرئيس باراك أوباما يعزز عضد بيرنز بنائبي مجلس الشيوخ جون ماكين ولاندسي غراهام للبحث عن سبيل للخروج من حالة لم تعد ترق للولايات المتحدة. وتخشى العواصم التي ألقت بثقلها الدبلوماسي أو المالي لإنهاء الأزمة المصرية أن ينفلت الوضع في حال أقدم الجيش المصري على تنفيذ وعيده بإخلاء ساحتي النهضة ورابعة العدوية من أنصار الرئيس المبعد محمد مرسي بالقوة، مع كل ما يحمله ذلك من مخاطر على مشهد مصري أصبح أشبه ببرميل بارود ينتظر فقط شرارة انفجاره. ومخافة أن تصل الأمور إلى مثل هذا الاحتمال الكارثي، يواصل وزراء خارجية الدول المكورة سلفا بالعاصمة القاهرة متنقلين بين قصر الرئاسة المصرية ووزارة الدفاع وبين أماكن تواجد قيادات الإخوان، في محاولة لإقناعهم بضرورة تغليب لغة الحوار لنزع فتيل هذا الوضع المرشح لأن ينزلق باتجاه الأسوأ في حال زادت مدة الاحتقان إلى ما لانهاية.