تفريغ كميات من مخزونات البطاطا الموجهة للاستهلاك    ضرورة دعم المجتمع الدولي لمنظمة غوث وتشغيل اللاجئين    حمزاوي يشرف على انطلاق الموسم الكشفي 2024- 2025    اولاد جلال : توقيف شخص وحجز 6000 كبسولة مؤثرات عقلية    يوم إعلامي حول تمويل المشاريع المبتكرة يخص التعريف بالوسائل    الجزائر ترفض بشكل قاطع وواضح ابتزاز المغرب    ارتفاع حصيلة التسمم الغذائي في جنازة بوفاة شخصين آخرين    مشروع قانون المالية 2025 : تحفيزات جبائية وتوسيع الوعاء الضريبي, ولا ضرائب جديدة    بداري يلتقي بممثلي الطلبة من مختلف كليات العلوم الطبية    الدورة 149 للاتحاد البرلماني الدولي : بوغالي: الجزائر رافعت عن القضيتين الفلسطينية والصحراوية    مجمع "اغروديف" للصناعات غذائية: عون يؤكد على تجنب أي نقص في تموين السوق بالمواد الأساسية    وقفة تأبينية بالجزائر العاصمة على روح قائد حركة حماس يحيى السنوار    اللجنة الوزارية تباشر مهامها في حادثة انهيار عمارة ببشار : "التعديلات الأرضية التي أجراها التجار لمحلاتهم من بين الأسباب"    كانكس ويكاند 2024: دعوة لوضع آليات جديدة مشتركة من أجل تشجيع تمويل الإنتاجات السينمائية وتوزيعها في إفريقيا    الرابطة الثانية: رائد القبة يقلب الطاولة على وداد مستغانم (3-2)    كانكس ويكاند 2024: نتائج "مثمرة" فيما يخص الاتفاقيات المبرمة وتحديد سبل التعاون    جراحة الكلى: الدعوة إلى إشراك جميع الإختصاصات الطبية من أجل تحسين العلاج    ماراطون مدغاسن الدولي: مشاركة 1200 عداء وعداءة في الطبعة ال 14    جمعية الدرع للثقافة والفنون بخنشلة تتوج بالمرتبة الثالثة في مهرجان الفرنسيسكان للسلام الدولي بمصر    عطاف يستقبل نظيره التونسي بمطار هواري بومدين الدولي    أمطار رعدية في عدة ولايات شرق الوطن الى غاية يوم الأحد    الاحتلال الصهيوني يصعد من جرائم الإبادة ويستهدف المستشفيات في اليوم ال15 من الحصار على شمال قطاع غزة    غوص بحري: "الغوص البحري بين الترفيه والامن" محور لقاء علمي    مفوضة الاتحاد الإفريقي تدعو إلى اثراء المتحف الإفريقي الكبير واسترجاع الأملاك الثقافية الافريقية المنهوبة    مقرر أممي يدعو المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات على الكيان الصهيوني وعزله    كرة الطاولة/بطولة إفريقيا: الثنائي بوهني-ناصري يحرز الميدالية الفضية    هذه قائمة المدربين الأعلى أجراً في العالم    ربيقة يسلّم دعوة لغالي    الاقتصاد الوطني سينمو ب4.5 بالمائة    إلغاء وتغيير أوقات عدّة رحلات    ولاية الجزائر تحيي اليوم الوطني للهجرة    الجزائر تجدّد دعمها لحق الشعب الصحراوي    عن دور المقاومة بين الحقائق والأوهام    زهانة يعوّل على إنشاء السلطة المينائية    السمنة.. خطر يُهدّد الصحة العمومية بالجزائر    بروتوكول تعاون عسكري بين الجزائر وموريتانيا    المنفي مدعو لحضور احتفالات نوفمبر    عمراني مدرباً جديداً لبلوزداد    تظاهرات متنوعة وإطلاق مشاريع تنموية بولايات الجنوب    10 مساهمات للمسلمين في العلوم    وزير الصحة يؤكّد ضرورة إنشاء أقطاب خاصّة    الدورة 149 للاتحاد البرلماني الدولي "فرصة رافعت خلالها الجزائر عن القضيتين الفلسطينية والصحراوية"    وزير الصحة يشرف على افتتاح أشغال المؤتمر الدولي لأمراض القلب    الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين الجزائر وموريتانيا    الابتلاء من الله تعالى    8 منتخبات تضمن رسميا تأهلها    فرنسا تسمم زعماء إمارة أولاد سيدي الشيخ    منصّة رقمية لتسيير مصالح الاستعجالات    اللجنة الوطنية للأطباء المقيمين في إضراب وطني لمدة 3 أيام    حملة تلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    المنتخب الجزائري لتنس الطاولة في مواجه ساخنة مع النيجيري    الخضر يتاهلون إلى كأس أفريقيا للأمم 2025    المهرجان الدولي للمسرح ببجاية : رقصة السماء.. مزيج ساحر بين المسرح، السينما والفيديو    تنظمه جامعة باتنة.. ملتقى وطني حول التعددية اللغوية في المنظومة التربوية والجامعية    نعمة الأمن لا تتحقق إلا بوجود 4 مقومات    هكذا نزلت المعوذتان على النبي الكريم    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحلقة السادسة:التعليم.. خمسون سنة استقلال
هل حققت الإصلاحات التربوية أهدافها؟
نشر في المساء يوم 26 - 08 - 2013

ها هي خمسون سنة تمر وهي بحجم ثمراتها وعثراتها وما قُدّم فيها وأُخّر، خمسون سنة تمر ونقول فيها: “إن دولتنا أرست معالم كبرى في التربية والتعليم، وعملت على إقامة المؤسسات التربوية، وسعت لمحو تركة الاستعمار بالفعل والقوة”، وهي خطوات جبارة، فلا يمكن أن ننكر تلك الجهود التي تُصرف على الوزارات المعنية. ولقد ظلت السياسة التربوية على مدى خمسين سنة، تعمل على تجاوز الصعوبات والأزمات، وتقترح الحلول النوعية رغم كثرة الإكراهات والمضايقات، ومع ذلك بنت بلدنا محطات مضيئة في مسار التربية والتعليم.

4/7. نسبة كبيرة من الأمية في المجتمع الجزائري:
لا تطور ثقافي واجتماعي حيث تنتشر الأمية وحيث يسود الجهل فئات كثيرة من المجتمع، فكيف يمكن أن ينجح الإصلاح في ظل وجود 7 ملايين أمي جزائري من أصل 36 مليونا؟ وهنا كان لا بد أن يُدق ناقوس الخطر؛ بأن أي إصلاح لا يمكن أن ينجح إلا في ظل هبّة لغوية وطنية عامة، يكون فيها المواطن يفهم ما يسمع ويقرأ، فنقص تأطير محو الأمية، وغياب تقديم مشاريع لمحو جهل هذه الشريحة، يُنقص من فعاليات الإصلاح التربوي، فئة كبيرة لها ارتباط بأولادها ومجتمعها، وكان على وزارة التربية في هذا المجال أن تقوم بالتوازي مع الإصلاحات على إصلاح أوضاع الأهل اللغوية في تقليص نسبة الأمية عبر مشاريع وطنية كبرى، ولجان محلية مساعدة، وعبر كل مدرسة تكون هناك أقسام مسائية للقضاء على هذه الآفة، وتحصل المتابعة والتقويم الحقيقي، لأن وجود أقسام افتراضية على مستوى كل المدارس ليس حقيقة، وحتى إن وُجدت هل هي ذات جدوى وفاعلية؟ وهل لها مخرجات واقعية؟ وإنه لا يجب أن نقفز فوق تلك النسبة المرتفعة من الأمية، وخاصة عندما نعلم أن نسبة الأمية في النساء أكثر من الرجال رغم أن عدد الطالبات في الكليات أكثر من الطلاب، والمهم في كل هذا أنه يجب شن حرب كبيرة على الأمية؛ لأن التعليم هو التحرر، وهو الاستقلال والتحضر، وعلينا طرح مشاريع مستعجلة قابلة للتحقيق لقطع تزايد الأمية، فلا توجد مواطنة بوجود الأمية، ولن تخرج النخبة من شعب متخلف، ولن يحصل التطوير إلا عن طريق التعليم.
3 /8. نقص تكوين مواطن بنّاء:
من المعروف أن المدرسة تنتمي إلى وزارة التربية؛ أي أن الوزارة تعطي التربية (العلم)، والعلم في ذات الوقت (تعلُّم الأدب والسلوك)، فإذا لم يكن العلم مقرونا بالتربية فما الفائدة منه؟ وإن أنبل مهمات المدرسة تربية التلاميذ بما توفره من فرص التأهيل والتغيير والتحسين والتحلي بالسلوك القويم، وتنمية مواقف العيش مع الآخرين، والاحترام المتبادَل وربط العلاقات، فماذا قدّمت المدرسة للحد من ظاهرة العنف؟ وماذا أسست في مجال العلاقات بين أفراد الجماعة التربوية؟ وماذا قدّمت من منظومة القيم؟ فهل المدرسة ذهب عنها إشعاعها التربوي والثقافي المؤثر في محيطها بشكل إيجابي؟ لماذا لم تبق المدرسة أداة للرقي الاجتماعي المجسّد لقيم التفاهم والحوار واحترام الآخر؟ وما يلاحَظ في السنوات الأخيرة أن ظاهرة العنف مستفحَلة بشكل قوي؛ تلاميذ يعنّفون ويثورون ويكشرون ويغشون بالقوة، معلّمون تجرّدوا من مسؤولية التربية، فيرون أن الأولياء مسؤولون عن هذا الأمر، الأولياء يرمون بالكرة على المدرسة، وأحيانا على الدولة، والدولة تلعب دور رجل الإطفاء، فتحاول إرضاء الجميع بالتنازلات؛ بوضع عتبة للدروس؛ بتخفيض البرنامج إلى ثلثه أو يزيد، المهم ألا يخرج الطلبة في مظاهرات، والمهم أن يبقى التلميذ وديعا، فالانتقال مضمون والنجاح شبه مضمون... ولست أدري هل يعرف المعنيون أن تلاميذ يضربون معلميهم؟! وهل يعلمون بأن ظاهرة الغش بالعنف قائمة في كثير من مدارسنا وفي الامتحانات الرسمية؟ وهل يسمعون بأن مختلف الممنوعات بدأت تعتب مدارسنا؟!... أين الحزم التربوي؟! أين التكوين على المواطنة والتنشئة الاجتماعية البنّاءة؟! أين تكوين المواطن المحب لبلده؟! أين التربية الدينية والإسلامية التي تحث على الحب والتحابب والمعاملة بالحسنى؟!
وإذا تحدثنا عن العنف المدرسي فأعزو الفشل في هذه النقطة إلى البرامج المدرسية، التي لم تزرع فكرة المواطنة، وفكرة الحوار والسماع للرأي الآخر، والعيش بسلام مع كل الناس مهما اختلفت رؤاهم ودياناتهم، فالمدرسة لم تفلح في تعليم نبذ العنف، ولم تفتح آفاق التلاميذ على ممارسة الانتماء وحمل الشأن العام، كما لم ترسّخ ثقافة القانون وسيادة المؤسسات، وهذا يعود لعدم احتواء الكتاب المدرسي على مفردات التربية على المواطنة، ثم مسألة تجسيدها على أرض الواقع، فنحتاج مدرسة معاصرة، تعمل على التربية على المواطنة، والتي تعني:
- “تربية على ثقافة الواجبات قبل المطالبة بالحقوق.
- تربية على حقوق الإنسان والديمقراطية عبر منهجية شاملة تربط بين الفكر والوجدان والأداء.
- تربية على التعاطف والمشاركة المجتمعية والغيرية والمحبة والعدالة والتواصل الاجتماعي والتفاعل الإيجابي.
- تربية على ثقافة التسامح والحوار والسلام.
- تربية على المبادرة وخلق فرص جديدة، لا على التكيف مع البيئة فقط.
- تربية على الأسلوب العلمي والتفكير النقدي في المناقشة والبحث عن الوقائع والأدلة.
- تربية على المشاركة في تحمّل المسؤولية، وعلى الشعور بالمسؤولية تجاه حقوق الأفراد والجماعات.
- تربية على تماسك المجتمع ووحدته الوطنية، والعمل المشترك.
- تربية على التحلي بالتفاؤل تجاه مواجهة التحديات ومحاولات التيئيس والتثبيط وغرس روح الانهزامية.
- تربية على عزة النفس وكرامتها وقوة الإرادة”.
وكان على الإصلاح التربوي أن يعالج الكثير من القصور عن طريق صياغة برنامج قابل للإنجاز في مفرداته البسيطة وإن كانت هذه المسألة مرتبطة بتنسيق الجهود مع كثير من المؤسسات، ولكن للمدرسة شأنا كبيرا فيها.

3/9. هجرة الكفاءات:
تدفع الدولة أموالا كبيرة من أجل تعليم الفرد الجزائري، فما إن يتخرج إلا وتدور في ذهنه فكرة حزم الأمتعة والتوجه إلى المطار للهجرة إلى الخارج، فلو أن المدرسة كانت ناجحة في تبليغ رسالتها في غرس حب الوطن من الإيمان، وغرست فيه أسمى آيات التقديس لعَلَمه ولخدمته والتفاني عليه، ولا يفكر الطالب في كيفية الحصول على فيزا إلى كندا أو فرنسا وهو في مرحلة الثانوية، كذلك لا يطالب بتخفيض مدة الخدمة الوطنية، وهذا فشل ذريع تعرفه المدرسة الجزائرية؛ لأنها لم تزرع فيه فكرة خدمة الوطن، ولم تربّ فيه الحمية الوطنية، فحصل السخط مما هو وطني في كل القطاعات، بل ومن كل منتوج وطني، فالمدرسة هي أساس بناء المجتمع، فإذا صلحت المدرسة يصلح المجتع، ويصح العكس كذلك.

3 /10. استيراد الأفكار والنظريات دون تكييف وربما دون فهم:
إن العلم ملك للمستعمل، والعلم والنظريات لا موطن لهما، ولكن يجب العلم كذلك بأن الأفكار والنظريات مرتبطة بأشخاصها وببيئتها ولغتها، وأن استيرادهما ليس مانعا حالة ما تم التعرف على صلاحيتهما في المجتمع المقبل على التطبيق عليه، وإذا كانت تصلح للبيئة التي يتم التطبيق عليها. ولست ضد استيراد الأفكار والنظريات بقدر ما أريد التركيز على مسألة التكييف والفهم؛ فهو العامل الحاسم في نجاح أية فكرة مستورَدة، ثم ما الداعي إلى استيراد فكرة أجنبية إذا كانت هناك أفكار وطنية ملائمة، ولكن الأسف أننا مانزال في دائرة المغلوب مولع بالغالب في أفكاره ونظرياته ولغته، فنملك روح القبول للأجنبي وبالأجنبي؛ لأنه أجنبي. وفي هذه النقطة كان عليّ تقديم فكرة عن استعصاء تطبيق المقاربة بالكفاءات؛ نظرا لعدم فهمها بشكل لائق.
جميل جدا أن نستورد النظريات أو الأفكار النيّرة، وجميل كذلك أن نُخضعها لخصوصياته، والأجمل أنه عندما نستورد فكرة/ نظرية من بلد من البلاد أن نوفّر لها ذات الشروط التي وُجدت بها في بلدها، ونفس الظروف المناخية والعقلية كي تنجح، ولكي لا ننفخ في الرماد، ولكن للأسف أننا نستورد أفكارا ونحاول تجزئتها ثم نتراجع عنها، بل لا نوجد لها نفس الشروط التي أبانت عن نجاحها في بلدها، ومن هنا نقع دائما في تجارب وراء تجارب، ونتراجع عنها بعد تطبيقها، ونقول إن التجربة فاشلة. والأدهى أن بعض التجارب لا نتركها تعمّر كثيرا، ثم لا نعمل بطريقة نفعية؛ حيث تقع التجربة على مجتمع ضيّق، فإذا أبانت عن جوانب إيجابية تعمَّم وإلا كان العكس، فإنّ أثرها سيكون محدودا.../.. يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.