هل ستكتفي الولاياتالمتحدةالأمريكيةبفرنسا كحليف رئيسي لها لشن ضربة عسكرية ضد سوريا بعدما تراجعت دول عظمى، على غرار بريطانيا، عن موقفها الأولي بخصوص المشاركة في عمل مسلح محتمل ضد نظام الأسد؟. تساؤل يطرح بقوة في ظل الانقسام الذي أثارته مساعي توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا، ليس فقط بين الغرب وروسيا ولكن داخل الاتحاد الأوروبي الذي انقسمت دوله بين متردد ورافض للمشاركة في مثل هذا العمل المسلح. فبينما بدت فرنسا وكأنها الدولة الأوروبية الوحيدة المتحمسة لمثل هذا السيناريو، رفض مجلس العموم البريطاني مذكرة تقدمت بها الحكومة لتبرير توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا ردا على اتهام النظام باستخدام أسلحة كيميائية، فيما اعتبر نكسة لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون الذي تعهد "بالامتثال لإرادة النواب". ورأت روسيا التي أكدت مجددا استخدام حق الفيتو ضد أي لائحة عبر مجلس الأمن الدولي تخول التدخل العسكري في سوريا في الرفض البريطاني دليلا على رغبة أوروبية شاملة في عدم تكرار سيناريو العراق. ورحب الكريملن، أمس، بموقف مجلس العموم البريطاني واعتبر أن مثل هذا العمل المسلح من شأنه أن يوجه "ضربة قوية" للنظام العالمي المبني على أساس الدور المحور لمنظمة الأممالمتحدة. وحتى ألمانيا أعلنت أنها لن تشارك في عمل عسكري ضد سوريا وقالت أنه لم يطلب أصلا منها ذلك، حيث قال وزير خارجيتها غيدو ويستر ويل انه "لم يتم طلب أو النظر في مشاركة ألمانيا في عمليات عسكرية محتملة في سوريا". ودعا مجلس الأمن الدولي للتوصل إلى "أرضية مشتركة". وعلى نقيض الموقفين البريطاني والألماني جاء الموقف الفرنسي مصرا على الضربة العسكرية إلى درجة جعلت الرئيس فرونسوا هولاند يؤكد أن الرفض البريطاني لن يثني بلاده عن التحرك لمعاقبة الرئيس الأسد. وقال إن "كل بلد سيد قراره في المشاركة أو عدم المشاركة في العملية بالنسبة لبريطانيا كما لفرنسا". واستبعد الرئيس الفرنسي في الوقت نفسه توجيه أي ضربة عسكرية إلى سوريا في ظل تواجد المفتشين الدوليين الذين سيغادرون دمشق اليوم. ويستعد المفتشون الدوليون لمغادرة سوريا بعد مهمة أدوها بالقرب من العاصمة دمشق جمعوا خلالها عينات سيتم تحليلها في الأيام القليلة القادمة للتأكد من مزاعم استخدام السلاح الكيماوي في سوريا. وهو ما جعل الأصوات تتعالى من عدة جهات تطالب بضرورة انتظار نتائج مهمة فريق الخبراء الاممي التي أوكلت له مهمة التحقق من مزاعم استخدام السلاح الكيماوي دون تحديد الجهة المسؤولة عنه إن كان النظام أو المعارضة أو أي طرف آخر. وقد رفضت الحكومة السورية أمس إصدار أي تقرير جزئي عن نتائج تحقيق الفريق الاممي بعدما طلب وزير الخارجية وليد المعلم من الأمين العام الاممي بان كي مون بضرورة انتظار انتهاء الفريق الاممي من مهمته والوقوف على نتائج التحاليل. وهو ما جعل البيت الأبيض يتردد في حسم موقفه النهائي من مسألة تنفيذ عمل مسلح ضد سوريا على الرغم من تعزيز قدراته العسكرية المنتشرة قبالة السواحل السورية. وواصلت واشنطن التي حتى وإن لمحت إلى إمكانية تحركها بمفردها عسكريا، أمس، رحلة البحث عن "ائتلاف دولي" يساندها في مسعاها العسكري. وقال وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاغل أن "هدف الرئيس باراك أوباما وحكومتنا أيا كان القرار الذي سيتم اتخاذه سيكون هو السعي من أجل ائتلاف ومسعى دوليين"، مشيرا إلى أن بلاده ستواصل التشاور مع بريطانيا. وأضاف "نهجنا هو أن نواصل السعي إلى إيجاد ائتلاف دولي للعمل بشكل مشترك... وأعتقد أننا نرى عددا من الدول التي تقرر علنا موقفها من استخدام أسلحة كيماوية". ومع بقاء احتمالات ضرب سوريا عسكريا واردة، واصل النظام السوري استعداداته للدفاع عن نفسه ضد الهجوم الغربي الذي رأى فيه محاولة أمريكية مفضوحة ل«فتح الطريق أمام الميليشيات والجماعات المسلحة وفي مقدمتها جبهة النصرة لدخول العاصمة دمشق". وقال مصدر عسكري سوري، رفض الكشف عن هويته، إن "اندلاع حرب إقليمية في المنطقة أمر متوقع"، مشيرا إلى "استعداد جيش بلاده الذي واجه خلال فترة الأزمة الميليشيات المسلحة المدعومة من قبل جهات خارجية لخوض الحرب بما يتمتع به من ترسانة صاروخية متنوعة وتخطيط عالي المستوى".