كشف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي أمس أن فريقا من مفتشي الوكالة سينتقل إلى سوريا بهدف معاينة موقع المفاعل النووي المزعوم والذي دمرته طائرات إسرائيلية خريف العام الماضي. وقال محمد البرادعي أن الفريق الدولي سيحل بالعاصمة السورية خلال الفترة الممتدة ما بين يومي 22 و24 من الشهر الجاري، معربا عن أمله في أن تبدي السلطات السورية كامل التعاون في هذا الشأن. وذكرت مصادر إعلامية غربية أن دمشق ستسمح للمفتشين الدوليين بزيارتها ومعاينة ما تدعيه الولاياتالمتحدة وإسرائيل بوجود مفاعل نووي سوري. وتعد هذه المرة الأولى التي تقوم فيها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإرسال فريق مفتشين إلى سوريا لمعاينة مفاعل نووي مفترض. كما يأتي إرسال فريق التفتيش الدولي على خلفية الحملة الدعائية التي شنتها عدة مصادر أمريكية وإسرائيلية ضد سوريا التي اتهمت دمشق بالقيام بأنشطة نووية سرية، وماانفكت منذ ذلك الحين تمارس ضغوطا متزايدة على الوكالة الدولية للطاقة الذرية لارسال فريق تحقيق دولي الى سوريا. يذكر أن طائرات حربية إسرائيلية قامت يوم السادس من شهر سبتمبر الماضي بعملية خرق للأجواء الجوية السورية قصفت خلالها موقعا بمنطقة الكبار وسط سوريا وقالت انها تمكنت من تدمير مفاعل نووي في تلك المنطقة. ولم تكتف إسرائيل ومعها الولايات المحتدة بعملية التفجير واستغلال فرصة تدمير الموقع السوري وتصوير سوريا على انها الخطر النووي القادم بعد إيران وطالبتا بضرورة إخضاعه لعمليات مراقبة وتفتيش. وفي حال تأكد هذا الأمر فإن سوريا ستكون أشبه بالوضع الذي عرفه العراق في عهد الرئيس المعدوم صدام حسين الذي اتهم بتطوير أسلحة نووية محظورة دوليا وكانت ذريعة رفعتها إدارة الرئيس جورج بوش لشن حملة عسكرية ضده والإطاحة به ليتأكد بعد تدمير العراق أنه لم يكن يتوفر على أية أسلحة نووية. وكانت مصادر أمريكية أكدت أن إدارة الرئيس جورج بوش تضغط منذ مدة من اجل إرسال خبراء دوليين في مجال الأسلحة النووية للتأكد من حقيقة الأنشطة السورية في هذا المجال. ووجهت اتهامات لدمشق بحصولها على تقنية نووية من كوريا الشمالية وادعت أن المفاعل المزعوم الذي دمرته الطائرات الإسرائيلية مؤخرا تم بناؤه من طرف خبراء كوريين شماليين. ونفت دمشق وبيونغ يونغ في حينها تلك الاتهامات وأكدت السلطات السورية أن المفاعل المزعوم لا يعدو أن يكون مجرد معمل لتطوير المبيدات المستعملة في مجال الزراعي. يذكر أن افتعال هذه القضية في هذا الوقت تزامن واستأنف الطرفين السوري والإسرائيلي لمفاوضات غير مباشرة بوساطة تركية من أجل إحلال السلم بينهما واستعادة دمشق لهضبة الجولان المحتل. ولم يستبعد عدد من المتتبعين أن يكون إرسال الوكالة الدولية فريق المفتشين والضغوط الأمريكية على علاقة مباشرة بهذه المفاوضات من منطلق أن واشنطن أبدت تحفظات على هذه المفاوضات كونها تخلط عليها حساباتها الاستراتيجية في كل المنطقة العربية. والواضح أن إدارة الرئيس جورج بوش تسعى إلى ممارسة كل الضغوط ضد سوريا وحتى التهديد بضربها بعد أن استعصى عليها تليين موقفها من خلال الضغوط الدبلوماسية وسعيها لاستعمال القوة ضدها خاصة وأن واشنطن تصنف دمشق ضمن ما تسميه بمحور الشر إلى جانب طهران وبيونغ يونغ والذي تعتبره واشنطن بأنه يشكل تهديدا لمصالحها الاستراتيجية بما يستدعي تحطيم اطرافه واحدا تلوى الآخر.