تعمل الجمعية المتخصصة في الأمراض النادرة “ساندروم ويليامز وبوران” حاليا، على التحضير لعقد ملتقى حول الأمراض النادرة، حسب ما كشفته ل”المساء”، السيدة فايزة مداد رئيسة الجمعية. يدخل ضمن الحملات التحسيسية التي تنظمها الجمعية في سياق التوعية والإعلام بهذه الأمراض التي تزداد من سنة لأخرى. سيشارك في الملتقى الذي سينظم مع نهاية السنة الجارية، خبراء في الصحة العمومية، أمثال الدكتور محمد حملاوي رئيس مصلحة طب الأطفال بالمؤسسة الاستشفائية نفيسة حمود (بارني سابقا)، والبروفسور جون بول غراغو الخبير في طب الأطفال. وسيتضمن مناقشة 3 محاور تهتم بأنواع الأمراض النادرة، منها مرض “غوشيه” الذي هو عبارة عن اضطراب وراثي يؤثر على العديد من أعضاء وأنسجة الجسم، ويصيب حوالي 400 طفل في الجزائر، حسب إحصائيات الجمعية. أما المحور الثاني، فسيهتم بمرض “ويليامز وبوران” الذي يصيب حوالي 300 طفل من مختلف ولايات الوطن، وتقول المتحدثة أن هؤلاء المرضى يعانون من مشكل عدم توفر أدوية خاصة بمرضهم، والتي لم يتم اكتشافها إلى حد الآن، مما يصعب من عملية التكفل بالمصابين. وسيخصص المحور الثالث لمرض “فينيل فيتونوفي”، وهو نادر يستلزم الامتناع التام عن تناول الطعام مهما كان نوعه، والاكتفاء بعلبة حليب خاصة تستورد من الخارج، يصل سعرها إلى 12 ألف دينار، “وهو سعر باهظ لا تتمكن الأسر من توفيره، خاصة أن العلبة الواحدة لا يتجاوز استعمالها أربعة أيام”، تقول السيدة مداد، وتضيف أن عدد الأطفال المصابين بهذا المرض يصل إلى حوالي 400 حالة بكامل الوطن. وقد خصت السيدة مداد حديثها إلى “المساء” للتعريف بهذا المرض الذي سيكون محورا رئيسيا للملتقى المنتظر قريبا، فتقول؛ إنه مرض ثقيل على الطفل المصاب نفسه وعلى والديه، إذ يمنعه من تناول اللحوم بأنواعها، في المقابل، يسمح له بتناول عجائن من نوع خاص، أما الخضر فتحدد كميتها بميزان. هذه الأمور تضيف للأسرة إعاقة من نوع آخر، فحياة الأطفال المرضى متوقفة على علبة الحليب الخاص بهم، لكنه غير متوفر بكمية كافية في الأسواق، ناهيك عن سعره المرتفع وعدم وجود إعانات لأسر هؤلاء الأطفال، إلى جانب انعدام التعويض من طرف مصالح الضمان الاجتماعي، نظرا لعدم إدراجه في قائمة الأدوية المعوضة. وهو ما حدا بالمتحدثة للفت انتباه وزارة الصحة لتوفير المنتوج، ووزارة الضمان الاجتماعي للعمل على إدراجه سريعا في التعويض “على الأقل لتقاسم الأعباء مع الأسر، حتى تتمكن من الاهتمام بأطفالها المصابين نفسيا وبيداغوجيا”.
إنجازات تحسب للجمعية في نفس السياق، تقول السيدة مداد؛ إن جمعيتها حققت خطوات كبيرة تعتبر بمثابة الدفع النفسي للعمل قدما لصالح فئة المصابين بالأمراض النادرة، ومنه وفقت الجمعية في دمج 30 طفلا مصابا بمرض التوحد ضمن 3 أقسام تعليمية عادية خلال السنة الدراسية الجارية بولاية الجزائر “هذا الإنجاز نعتبره كبيرا قياسا بالعمل الكبير الذي قام به فريق المتابعة الذي يتكون من أخصائيين في التربية النفسية، الحركية والحسية، خاصة أن التكفل الجيد يتطلب تضافر جهود عدة أطراف من أطباء مختصين، أولياء ومعلمين باعتبارهم حلقات رئيسية في الاعتناء بالطفل المريض، من خلال التوصل إلى نتائج إيجابية حتى يتمكن المريض من الاندماج في المجتمع والاحتكاك بالأشخاص العاديين”. ويتبين من حديث السيدة مداد، أن السنوات العشرين التي قضتها في الاهتمام بملف الأمراض النادرة، كونها أم لابن مصاب بمرض “وليامز وبوران”، أنها أصبحت متخصصة في الحديث عن هذه الأمراض، وهو ما مكنها من الحديث عن أسباب الإصابة بالمرض وأفادت أن أكثر الأمراض انتشارا في الجزائر، إضافة ل “وليامز وبوران” هي أمراض “الغوشيه”، “فابييه”، “سيندروم دو ريت” و”سيندروم بيدرا دوويلي”. كما كشفت أن عدد الأمراض اليتيمة عبر العالم يصل إلى 8 آلاف مرض؛ 80 بالمائة منها من أصل جيني، وقد تم تشخيص 200 مرض فقط بالجزائر، “ونأمل أن تتواصل الأبحاث حتى يتم تشخيص أمراض يتيمة أخرى، يشير المختصون أن سببها الأول يعود لزواج الأقارب”. وهنا تشير السيدة مداد إلى أن جمعيتها، في إطار الأيام العلمية، الملتقيات والأبواب المفتوحة التي تنظمها، تخصص حيزا زمنيا كبيرا لعمليات التوعية والتحسيس بمخاطر هذه الأمراض، من خلال التأكيد على فحوصات ما قبل الزواج، نتيجة الأخطار المتزايدة على صحة الأطفال، حيث يؤكد العديد من الخبراء أن هذا الزواج يعد السبب الرئيسي في إصابة الأبناء بأمراض نادرة خطيرة، علما أن 80 بالمائة من الإصابة ترتبط بالعامل الوراثي، وهو ما يجعل الوقاية والتشخيص المبكر عاملين أساسيين لتفادي مثل هذه الأمراض ومضاعفاتها الخطيرة.