تعرف وعدة الولي الصالح “سيدي امحمد بن عودة” بغليزان التي انطلقت تظاهراتها مؤخرا، توافدا كبيرا للمواطنين. وتستقطب هذه التظاهرة الدينية التي حضر فعالياتها وزير السياحة والصناعات التقليدية السيد محمد أمين حاج سعيد، آلاف المواطنين الذين يقدمون من كل مناطق الوطن وكذا المغتربون. وللوصول إلى بلدية “سيدي امحمد بن عودة” مكان هذه التظاهرة الكبرى ذات الشهرة الوطنية، لا بد من قضاء وقت طويل في طابور سيارات بطول عشرين كيلومترا تقريبا. ويسبق الوعدة التي تهافت عليها عشرات الآلاف من الزوار، تحضيرات لعروش قبيلة”فليتة” بالمنطقة، حيث تقام هذه الوعدة منذ أربعة قرون. وتبدأ الاستعدادات ثلاثة أيام قبل الانطلاق الفعلي للتظاهرة؛ حيث يتم نصب الخيم، وذلك وفق مخطط كل عرش. ومن تقاليد هذه التظاهرة التي اختُتمت أول أمس، أن يُشرع عشية انطلاقها في خياطة الخيمة التي تضم قطع القماش المنسوج من الوبر الخام، والتي تمثل كل واحدة منها عرشا. وتتنافس فروع “فليتة” الخمسة والعشرون يوم الافتتاح على نقل الخيمة ونصبها في جو بهيج ممزوج بالصياح وأصوات ضرب العصي وزغاريد النساء، علاوة على مشاركة الفرق الفلكلورية التي تُمتع الحاضرين بنغمات الزرنة والقصبة ودقات الطبول. ويحظى زوار هذا الولي الصالح بإكرام من سكان المنطقة، الذين يجتهدون في تقديم الطعام على مستوى عشرات الخيم المنصوبة. كما يتابع الزوار مدائح دينية وكذا تلاوات جماعية للقرآن الكريم من قبل حفظة الذكر الحكيم بخيم ضُربت غير بعيد عن ضريح الولي الصالح سيدي امحمد بن عودة. ومن بين الفعاليات الأخرى التي تجلب ضيوف ولاية غليزان ألعاب الفروسية التي يشارك فيها عشرات الفرسان، الذين يأتون من مناطق شتى من الوطن. كما تشكل الوعدة مناسبة للتجار لبيع مختلف المنتجات الاستهلاكية من خلال “سوق الربح” التي تنظَّم خلال هذه التظاهرة، والتي يرى فيها البعض أنها تجلب البركة. ولا يفوّت الزوار فرصة دخول قبة ضريح الولي، التي تم تزيينها لهذه المناسبة، والتي تحظي بقداسة لدى أهالي المنطقة. للإشارة، فإن سيدي امحمد بن عودة هو امحمد بن يحيى بن عبد العزيز. وسمي “محمد بن عودة” نسبة إلى مربيته “عودة”. وقد عاش في القرن السادس عشر الميلادي؛ حيث وُلد سنة 972 هجرية بنواحي وادي “مينا”، وتوفي عام 1034 هجرية. وعُرف عن هذا الولي الصالح أنه كان عالما، وأسّس زاوية للتدريس وإيواء الفقراء وعابري السبيل، كما جاهد رفقة أهالي المنطقة إلى جانب قبائل “مجاهر” بولاية مستغانم المجاورة في معركة “مزغران” الشهيرة، التي جرت في أوت 1558، والتي قهروا فيها الإسبان، حسب المصادر التاريخية.