عجبا للموقف الفرنسي الداعي لطي صفحة الماضي مع الجزائر في وقت تعمل فيه أطراف فرنسية على تمجيد هذا الماضي كما هو الشأن مع التجمع الذي تعتزم تنظيمه اليوم ب" بربينيان" جنوبفرنسا تمجيدا للمنظمة المسلحة السرية وجرائمها ضد الجزائريين. المسعى في الحقيقة ليس جديدا بالنسبة لهذه الأطراف التي عمدت إلى كل الطرق لطمس حقيقة الاستعمار، في الوقت الذي نجد فيه حجم الجرائم التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية يفوق كل التصورات ومن الصعب التكتم عن فظاعتها. وهو ما أشارت إليه مؤخرا جمعية قدامى التجارب النووية التي أقرت بارتكاب فرنسا لأبشع تجاربها النووية بمنطقة رقان، في حين وصف رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي " غي فيشر" هذه التجارب ب "كذبة دولة". وقد سبق ذلك تصريح السفير الفرنسي بالجزائر باجولي الذي قال بمناسبة ذكرى أحداث 8 ماي 1945 بأن زمن النكران قد ولى، وهو ما يتطابق مع تصريحات الرئيس الفرنسي ساركوزي الذي أدان الاستعمار في الجزائر. غير أن ذلك يبقى غير كاف أمام إصرار أطراف فرنسية على إدارة ظهرها لهذا الواقع، ولا نعتقد أنها ستفعل ذلك بخصوص تاريخ بلادها مع النازية والجرائم المرتكبة في حق الفرنسيين. فالمسؤولية تقع على عاتق الطبقة السياسية الفرنسية لكسر الحواجز النفسية التي كرستها أطراف في باريس ترفض تطبيع العلاقات مع الجزائر، ويبقى عليها أن تترجم الأقوال إلى الأفعال.