لم تكن زيارة وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عبد المالك بوضياف، التي قادته أمسية أول أمس إلى ولاية تيبازة، مفاجئة فقط بالنسبة لمسؤولي القطاع بالولاية، بل كانت أيضا غير معلومة الاتجاه بالنسبة للصحفيين المرافقين له، الذين كانوا يتساءلون طيلة الرحلة إلى أي وجهة هم ذاهبون؛ ما خلق جوا من السوسبانس والترقب لدى الجميع، ليتبين في الأخير أن الوجهة هي ولاية تيبازة. هذه "الخرجة" كان يمكن أن تكون سرية مفاجئة مائة بالمائة لولا وجود عيون لا مسؤولة ترصد كل طارئ قد يكشف المستور. وكانت المؤسسة الاستشفائية المتخصصة في الطفولة والأمومة تيجاني هدام، أول نقطة لزيارة الوزير، حيث تفاجأ بحالة التسيب والإهمال ومظاهر سوء التسيير التي برزت بمجرد دخول المؤسسة على مستوى مصلحة استقبال الحالات الاستعجالية، التي لم تكن الطبيبة الوحيدة المكلفة بتوجيه المرضى فور استقبالهم، موجودة، وحين استفسر الوزير المديرة أكدت أنها في عطلة مرضية، مما أثار حفيظته مستغربا الأمر ومتسائلا: "هل لأن الطبيبة غائبة يجب أن يتوقف العمل وتهمل خدمة المواطن"؟ وفي الوقت الذي كان الوزير يستفسر عن الغيابات التي لوحظت بعين المكان كالأخصائيين الاثنين في الأشعة اللذين كانا كذلك غير موجودين، حيث لم يظهرا طيلة فترة الزيارة، تبين أن المكلفة بتسجيل المواطنين على مستوى الاستعجالات، لا تعرف كيف تشغّل الحاسوب إلى حد عجزها عن استبيان قائمة المرضى الذين دخلوا المؤسسة، وهو يطالب المديرة بتفسير ذلك، ظهر مدير الصحة العمومية للولاية الذي تقدم ليحيّي الوزير، إلا أن هذا الأخير لم ينتظر تحيته، طالبا منه العودة من حيث أتى قائلا: "اذهب عني، ولا أريد أن أراك أبدا"، ليعلن بعد ذلك عن إنهاء مهامه. قرار إنهاء المهام يعود إلى سوء التسيير والتسيب، وهو الأمر الذي كان جليا بعين المكان، إلا أنه عجّل به سلوك المدير، الذي كشفت مسؤولة المستشفى وبعد إلحاح من وزير القطاع، أنه هو الذي أخبرها بزيارة الوزير إلى الولاية رغم سرّيتها وطبيعتها المفاجئة.
المواطنون يفضحون العيوب ويشكون معاناتهم وبمختلف قاعات الانتظار والعلاج تبادل الوزير أطراف الحديث مع بعض المواطنين، الذين اغتنموا الفرصة لطرح بعض المشاكل التي يتلقونها على مستوى المؤسسات الصحية بالولاية، كسوء الاستقبال والمحسوبية في التكفل وغيرها، كتلك العجوز المريضة التي أخبرت الوزير بأنها عادت للتو من مستشفى البلدية، بعد أن طلب منها على مستوى مؤسسة "تيجاني هدام" الذهاب إلى هناك لإجراء كشف بالسكانير؛ كون جهاز المؤسسة عاطلا رغم أن المديرة طمأنته قبل لحظات من ذلك، بأن الجهاز يشتغل وغير معطل. ولم تنته الأمور إلى هنا، بل اكتشف الوزير من خلال استفساراته، أن ذات العجوز تم توجيهها على مستوى مستشفى البلدية نحو عيادة خاصة لإجراء الكشف بالسكانير. وبالمؤسسة الصحية متعددة الخدمات "مران بوريش" طاف الوزير بمختلف المصلحات؛ حيث لاحظ بعض الإيجابيات عكس المؤسسة السابقة، وطالب ببذل المزيد من المجهودات، معترفا بوجود أطباء أكفاء، فيما اغتنم الوزير فرصة تواجدنا بالمؤسسة العمومية الاستشفائية لمدينة القليعة، ليشدد على ضرورة تطبيق التعليمات التي وجّهها فور تسلّم مهامه على رأس القطاع، وعلى رأسها تكريس سلوك الأنسنة في الاستقبال والتعامل مع المرضى خاصة على مستوى الاستعجالات، التي تُعتبر الواجهة التي تُظهر حقيقة ما يجري في كل مؤسسة صحية واستشفائية. وتوعد الوزير بملاحقة كل متهاون ومتسيب من المسؤولين بتسليط العقوبات الصارمة الممكنة. وتأسف المسؤول الأول عن قطاع الصحة في نهاية زيارته إلى ولاية تيبازة، لما شهده من مظاهر للامبالاة والفوضى العارمة خلال زيارته رغم التعليمات الصارمة التي كان وجّهها لمدراء الصحة عبر 48 ولاية في اجتماعه الأخير معهم؛ حيث وقف على العديد من الخروقات والتجاوزات، متعهدا باتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة، التي من شأنها الكشف عن المسؤولين الذين يقفون وراء هذه التجاوزات.