تعرف دُور النشر العربية المشاركة في الطبعة ال18 لصالون الجزائر الدولي للكتاب (سيلا) - وهي حوالي 335 دارا من أصل 922 معلن عنها - إقبالا كبيرا على إصداراتها الدينية والأكاديمية وأيضا كتب الأطفال، من جماهير مختلفة الأذواق ومن كل الأعمار. في الجناح المركزي لقصر المعارض الصنوبر البحري بالعاصمة الذي يشهد اكتظاظا منذ افتتاح الصالون الأربعاء الماضي عرفت بعض دور النشر المصرية واللبنانية خصوصا، توافدا كبيرا للطلبة والشباب على إصداراتها الدينية والأكاديمية وأيضا كتب الأطفال، التي تنوعت في مواضيعها ونوعية طباعتها؛ ما جعلها تلقى الرواج لدى الأطفال رفقة عائلاتهم. وأعرب بعض الزوار عن «إعجابهم» بما تقدمه خصوصا دور النشر المشرقية، التي حسبهم توفر «كمّا كبيرا» من المواضيع، ونوعيات «جيدة» من الكتب رغم أسعارها «المرتفعة»، وهو ما لم يجدوه عند دور النشر الجزائرية والمغاربية، على حد قولهم. ويعرف الصالون حضورا «طاغيا» لدور النشر المشرقية التي يقارب عددها ال300، منها 107 مصرية و80 لبنانية، يقابله حضور ضعيف للدور المغاربية التي لم يتعدّ تعداد المعلن عنها مجتمعة ال35، منها 19 من تونس و15 من المغرب و1 من موريتانيا، بينما غابت كليا دور النشر الليبية، حسب المنظمين. وعن سبب قلة الناشرين التونسيين قالت راضية الحباسي العرقي من وزارة الثقافة التونسية، إنه يرجع إلى «مشاركة الكثير منهم في معرض الكتاب الدولي بتونس، الذي اختُتمت فعالياته أمس الأحد، وأيضا لتفضيل بعضهم التحضير للمشاركة في معارض أخرى بالبلدان العربية». وتأسفت المتحدثة ل «تأخر وصول الكثير من الكتب للأجنحة» إلى غاية اليوم الخامس من افتتاح الصالون، وهو نفس المشكل الذي وقع مع عدد من دور النشر المغربية، حسب جناح وزارة الثقافة المغربية. ومن جهة أخرى، لم يشهد الأدب باللغة العربية اهتماما ملحوظا من القراء مقارنة بنظيره بالفرنسية، الذي ميّز بقوة هذه الطبعة؛ حيث لاقى اهتماما كبيرا من محبيه، وخصوصا المتعطشين للرواية الخيالية والرواية التاريخية والأدب الكلاسيكي الفرنسي. كما غابت الأسماء الأدبية الكبيرة من البلدان العربية عن الصالون باستثناء أحلام مستغانمي، التي تُعد أهم روائية مقروئيةً؛ حيث تجمّع محبوها بقوة حولها لاقتناء عملها الشهير «ذاكرة الجسد»، و»الأسود يليق بك» روايتها الأخيرة. ولم تلق بدورها الكتب الفكرية والسياسية المتعلقة بما يجري حاليا في البلدان العربية، اهتماما رغم حضور بعض الدور العربية ببعض العناوين المهمة، على غرار الشروق المصرية وإصداراتها “هل أخطأت الثورة المصرية؟” للروائي المصري علاء الأسواني، و»مبارك وزمانه» لمواطنه الأديب والمؤرخ محمد حسنين هيكل، وأيضا دار منتدى المعارف السورية، التي عرضت «السلطة والاستخبارات في سوريا» للكاتب السوري رضوان زيادة. وفي هذا الصدد، أشار مسؤول بمركز نماء للبحوث والدراسات (العربية) ومقره بيروت، إلى أن «العناوين ككل في الصالون التي تتحدث عن الثورات العربية، لا تتجاوز ال50». وأبدت كثير من دور النشر العربية «انزعاجها» من ضعف الإقبال عليها في الأجنحة الفرعية في مقابل التوافد «الهائل» الذي يشهده الجناح المركزي، حيث يتواجد فقط 62 ناشرا من البلدان العربية من أصل 195 ناشرا، منهم 97 من الجزائر، و40 من فرنسا، و21 من لبنان و20 من مصر، حسب المنظمين. ويضم الطابق الأرضي من الجناح المركزي أغلب دور النشر العالمية، وبعض أهم دور النشر الجزائرية والعربية، بينما يضم طابقه العلوي عددا من الدور العربية الأخرى، ولكنه وعلى غرار الأجنحة الفرعية، «لا يلقى إقبالا»، حسبما لوحظ. وأعرب بعض العارضين من الجناح الفرعي «ج» على غرار المؤسسة الحديثة للكتاب من لبنان، عن أن جناح عرضه شهد إقبالا «ضعيفا جدا» للزوار، بينما شهدت مشاركته العام الماضي لمّا كان في الجناح المركزي، توافدا «منقطع النظير». وأوضح المتحدث أن الكثير من الناس «لا يعلمون حتى بوجود أجنحة فرعية» للصالون؛ إذ «لا يقصدون في الغالب إلا الجناح المركزي، ثم ينصرفون»، مرجعا السبب في هذا إلى «غياب اللافتات ونقص الإشهار وتغطية أماكن الأكل والتسلية المتواجدة بالمكان عليها»، وهذا ما ذهبت إليه أيضا دور نشر من مصر والسعودية والأردن. وقالت زائرة كانت برفقة أولادها إن ضعف التوافد على الأجنحة الفرعية سببه أيضا «غياب المنشورات حول الصالون»، بينما ذهبت أخرى إلى أن «كبر مساحة الجناح المركزي وقلة الوقت هو الذي يُجبر الناس غالبا على ارتياده وحده فقط».