أبرز أساتذة ومؤرخون أمس الثلاثاء بالجزائر العاصمة، المسيرة التاريخية البطولية للمجاهد الفقيد محمد بن علال في مواجهة الاستعمار الفرنسي والالتزام بالمقاومة الشعبية، إلى جانب الأمير عبد القادر، منوّهين بالخسائر الجسيمة التي ألحقها بالعدو في مقاطعة خميس مليانة آنذاك. وتناول باحثون في تاريخ الجزائر خلال ندوة تاريخية احتضنها منتدى جريدة المجاهد؛ تكريما لروح المجاهد الفقيد محمد بن علال الجزائري بمناسبة الذكرى ال170 لرحيله، في إطار منتدى الذاكرة لجمعية مشعل الشهيد، تناولوا جانبا من السيرة الثورية للرجل ونضاله في إطار الثورات الشعبية ضد المستعمر الفرنسي. في هذا الاطار، أبرز الكاتب والمؤرّخ السيد محمد عبّاس في تدخّل له، التضحيات الجبارة التي أدّاها المجاهد الراحل محمد بن علال بمنطقة مليانة منذ 1837 إلى جوان 1848، لاسيما أثناء قيادته لقبائل المنطقة وقيامهم بالثورة المسلحة ضد الماريشال فالي في تلك الفترة، مشيرا إلى الخسائر الجسيمة التي ألحقها بالقادة الفرنسيين في تلك الفترة بفضل الحنكة والدهاء الكبيرين اللذين كان يتمتّع بهما الفقيد، إلى جانب تنسيقه العملياتي المحكم مع رفيق دربه الأمير عبد القادر. وتطرّق السيد عبّاس في السياق للمعركة التي قادها المجاهد بن علال ضد الماريشال فالي في منطقة مليانة التي أُسندت له إدارة شؤونها بعد محيي الدين الصغير، الذي خلفه منذ سنة 1937، مذكّرا بقيامه رفقة الأمير عبد القادر، بصدّ الحملة العسكرية الثانية التي قادها بالمنطقة الجنرال بيجو، وهي أول هزيمة تَكبّدها جنود بيجو منذ ولايته على الجزائر. ومن جهته، تناول المؤرخ والمتخصص في تاريخ الجزائر الدكتور عامر رخيلة، الجانب التكتيكي والعملياتي الذي كان يتمتّع به الرجل في مسيرته الثورية ضد الاستعمار الفرنسي، مؤكدا أن الفقيد استطاع أن يُلحق هزائم ثقيلة بأرواح العدو الفرنسي رغم قلة الوسائل المادية والقتالية في تلك الفترة. وأضاف موضحا أن البطولات التي صنعها الرجل في سبيل الدفاع عن الجزائر من أجل الاستقلال، ستبقى خالدة تنير درب الشعوب التواقة للحرية من قيود الاستعمار. كما دعا من جهة أخرى، إلى الاستلهام من هذه البطولات والتمعّن فيها، وجعلها منارة تستنير بها الأجيال القادمة، مشدّدا على ضرورة تسليط الضوء أكثر على المسيرة النضالية للمجاهد بن علال بالمدارس والجامعات، وتخصيص بحوث تاريخية تتناول حياته وجهوده في العمل الثوري. وللإشارة، تولّى المجاهد الفقيد محمد بن علال الجزائري الشريف الإدريسي الحسني ابن ولي الله سيدي امبارك، إدارة شؤون مقاطعة مليانة ابتداء من سنة 1837 إلى جوان 1848، قاد قبائل المنطقة عام 1840 ضد الماريشال فالي، وألحق أضرارا كبيرة بصفوف الجيش الفرنسي. كما كان يقود جيشا مكوّنا من 10440 جنديا، حيث بقي خليفة على مدينة مليانة إلى أن استشهد في أرض المعركة بمنطقة الغرب الجزائري يوم 11 نوفمبر 1843. وتم تسجيل اسمه في متحف المجاهد بمقام الشهيد إلى جنب قائمة شهداء الجزائر. وجاء تنظيم هذه الندوة في إطار منتدى الذاكرة لجمعية مشعل الشهيد في إطار الاحتفالات المخلّدة للذكرى ال59 لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة.