هو التساؤل الذي يُطرح بحدة هذه الأيام في الأوساط الرياضية الكروية، بعد أن أصبح ”الخضر” على مرمى حجر من تحقيق التأهل إلى مونديال البرازيل، وعادت بنا الذاكرة إلى التغيير المفاجئ الذي عرفته العارضة الفنية للمنتخب الوطني في بداية صائفة 1982، وقتها كان هذا الأخير يتأهب للتنقل إلى مونديال إسبانيا تحت قيادة الثنائي إيفني روغوف ومحمد معوش اللذين أهّلاه لهذا الموعد العالمي وقاداه إلى نصف نهائي كأس أمم إفريقيا لنفس السنة، وخسره رفاق فرقاني أمام غانا بطرابلس بنتيجة 2/1، حيث أزيح ثنائي التدريب من على رأس العارضة الفنية ل ”الخضر”، وتم وضع في مكانهما رشيد مخلوفي ومحيي الدين خالف، الأول كمدير فني، والثاني كمدرب للتشكيلة الوطنية، وقيل آنذاك إن هذا التغيير تَقرر بأمر من وزير الشباب والرياضة لتلك الفترة عبد النور بقة، الذي رمى بكل ثقله من أجل أن تكون تركيبة الفريق الوطني جزائرية مائة بالمائة. ووقعت ضجة كبيرة بسبب هذا الإجراء الذي فاجأ الجميع؛ لأن روغوف ساهم في صنع ذلك التأهل رفقة زميله معوش بعد أن عملا سويا لفترة طويلة على رأس المنتخب الوطني، وكُلّل عملهما بتحقيق نتيجة تاريخية فتحت للجزائر أبواب المشاركة لأول مرة في أكبر تظاهرة كروية عالمية، لكن هناك من دافع عن خيار وزارة الشباب والرياضة، واعتبروا أن معوش وروغوف لم يجنيا سوى ثمار العمل الكبير الذي أنجزه رشيد مخلوفي وزملاؤه في فريق جبهة التحرير الإخوة سوكان والمرحوم عبد الحميد كرمالي ورويعي، لما كان هؤلاء مسؤولين عن الفئات الصغرى للتشكيلة الوطنية في السبعينيات والثمانينيات وصقلوا موهبة بلومي وعصاد وماجر وفرقاني وسرباح وقندوز ومرزقان وغيرهم من اللاعبين، الذين كانوا يتميزون بمستوى فني كبير ولم يسعفهم الحظ للذهاب إلى مونديال إسبانيا بسبب المنافسة الشرسة التي كانت واقعة آنذاك في صفوف الخضر. ومن الطبيعي، حسب المدافعين عن ذلك الطرح، أن ترجع مهمة قيادة الفريق الوطني إلى إسبانيا لأحد لاعبي جبهة التحرير، وهو رشيد مخلوفي، الذي اصطحب معه زميله عبد الرحمان سوكان وخالف محيي الدين الذي أصبح المسؤول الأول عن العارضة الفنية ل ”الخضر”. كما إن ذلك التغيير أحدث شرخا داخل فريق جبهة التحرير نفسه، يترجمه حاليا سوء العلاقات بين مخلوفي ومعوش، الذي لم يهضم إلى يومنا هذا إزاحته من تدريب ”الخضر” في 1982، هذا للقول إن سيناريو التغيير على رأس الفريق الوطني قد يعيد نفسه من جديد في حالة ما إذا تأهلنا إلى مونديال 2014، لا سيما أن هناك مؤشرات تنذر بوقوع هذا الأمر بعد أن توترت العلاقات بين اللاعبين ووحيد حليلوزيتش من جهة، والعلاقات بين هذا الأخير ورئيس الاتحادية محمد روراوة على خلفية التصريحات النارية التي أدلى بها التقني البوسني في ندوته الصحفية الأخيرة، لما قال إن تسعين في المائة من تعداده منقوص بدنيا، حيث أغضب هذا التصريح زملاء بوقرة، وكاد الأمر يتطور إلى أزمة حقيقية بينهم وبين مدربهم، واضطر رئيس الاتحادية روراوة للتدخل شخصيا لتهدئة الوضع، لكن مع توجيه ملاحظات للمدرب الوطني، كانت بمثابة توبيخ لهذا الأخير عما صدر منه من تصريحات جارحة في حق اللاعبين الدوليين. وفضلا عن كل ما ذكرناه، فإن العارفين بخبايا الفريق الوطني وكل ما يدور في فلكه، يعتقدون أن وحيد حليلوزيتش ذاهب لا محالة من العارضة الفنية ل ”للخضر”؛ سواء أخفقنا أمام بوركينافاسو أو تأهلنا إلى المونديال، وقد بنوا تخميناتهم على الأوضاع التي عاشها الفريق الوطني في الشهور الأخيرة، وفي مقدمتها تصلّب مواقف المدرب البوسني، إذ كثيرا ما أصبح يخرج عن الإطار الذي رسمته له اتحادية كرة القدم، سواء في كيفية انتقاء اللاعبين المدعوين للفريق الوطني أو في طريقة تسيير هذا الأخير. وما أغضب الفاف بشكل خاص تهجم حليلوزيتش على حكم مباراة واغادوغو، منتقدا خيارات الاتحادية الدولية لكرة القدم (فيفا)، ومتسائلا كيف لهذه الأخيرة أن تعيّن حكما لا يتجاوز سنه 27 سنة؟ واعتبرت الاتحادية الجزائرية أن مثل هذه التصريحات من شأنها أن تُحدث توترا بينها وبين الهيئة الكروية الدولية، وتُضر بمصلحة الفريق الوطني قبل ساعات قليلة من مواجهته لمنتخب بوركينافاسو.