التعبير بالحركة والجسد فن قديم تداولته الأمم وتفنّنت في عروضه وتطويره، حتى وُجد اليوم ما يعرف بالرقص المعاصر المواكب لتطور العصر. ولأنّ للرقص دلالته الفنية والنفسية الممثلة لحقبات ومحطات تاريخية صنعت إلى جانب الأمجاد معاناة، تطلّبت نوعا من طرق التنفيس والترفيه التي تجسّدت في حركات بدنية تخرج طاقات مروّحة عما يختلج النفس من أفراح وأتراح في المسارات والأحزان، لذا يولى الرقص عند الأمم المتحضرة أهمية قصوى، في حين نستصغره نحن بل ونزدريه إذ كان في وقت ما يعتبر احترافه عارا، واليوم وبعد مرور السنوات العصيبة، ها هي الجزائر تسعى للحفاظ على هذا التراث المعنوي المتمثل في الرقص الشعبي والفولكلور، عاملة على تطوير وتوسيع رقعته، ساعية إلى تنظيم مهرجانات مبتدعة حديثة، آخرها ما نظّم خلال هذا الشهر، وهو المهرجان الخاص بالرقص المعاصر الذي اختيرت على رأسه الصين كبلد شرفي، هذه التظاهرة التي شملت تاريخ فن الرقص المعاصر للعديد من البلدان العربية والأجنبية، مختصرة إياه في أسبوع، جاعلة شعار التظاهرة “جسور” تعبيرا عن التواصل بين أمم رغم اختلاف لغاتها وأجناسها ودياناتها، ترتبط إنسانيا وحركيا ببعضها البعض لتصبح بذلك الحركة وسيلة للتعبير عن الحب، التقدير والامتنان الذي يجمع الأوطان. وبالفعل، تمكّن بالي الديوان الوطني للاتصال والإعلام والفرقة الصينية «بجينغ دانس تياتر» من مدّ جسور التواصل بين البلدين وإبراز مواهب الفرقتين المختلفتين بلدا، حضارة، تاريخا ولغة وإبهار الحاضرين بما قدموه من فن جسدي تعبيري يتماشى وعصر الذرة والتكنولوجيا، ولمن لم يحظر العروض الأولى، بإمكانه تدارك عروض أخرى لا تقل متعة وإثارة متواصلة لغاية 22 من شهر نوفمبر، نهاية أيام هذا المهرجان الذي ميّز طبعته الخامسة حضور بارز للفرق الجزائرية الشابة في مجال الرقص المعاصر التي لم تتخلّف كثيرا عن الركب في هذا المجال ...