يشرع نواب المجلس الشعبي الوطني، يوم الثلاثاء القادم، في مناقشة التعديلات الجديدة المدرجة في قانون العقوبات الصادر في 1966، والتي تم اعتمادها من أجل تكييف المنظومة التشريعية الوطنية مع التشريع الدولي عبر إقرار 4 محاور جديدة، أهمها تعزيز الحماية الجزائية للقصر وضمان حماية اجتماعية وقضائية أكبر للأطفال، فضلا عن تشديد العقوبات على جرائم اختطاف الأطفال وبعض الجرائم الخطيرة الأخرى، وتجريم التمييز بكل أشكاله. ووفقا للبرمجة التي اعتمدها مكتب المجلس الشعبي الوطني، ستستمر مناقشة النواب لمشروع القانون الذي يعدل ويتمم القانون رقم 66-156 المؤرخ في 08 جوان 1966، المتضمن قانون العقوبات، في 3 جلسات علنية تمتد على مدار يومين، حيث سينظر ممثلو الشعب في المحاور الأربعة التي جاء بها التعديل الذي أقره مجلس الوزراء المنعقد في 29 سبتمبر الماضي، برئاسة رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، ومن أبرزها الأحكام الجديدة التي تضمن الحماية الجزائية للأطفال والقصر. وإذ تتزامن إرادة الدولة في توسيع إجراءات الحماية القانونية للأطفال مع إحياء اليوم العالمي لحقوق الطفل الذي يصادف 20 نوفمبر من كل عام، فهي تأتي في وقت تعرف فيه الجزائر تفاقما في الظواهر السلبية التي تستهدف هذه الفئة الاجتماعية الهشة، سواء ما تعلق منها بتنامي ظاهرة الاختطاف المتبوع بالاعتداء الجسدي والجنسي، أو ما يتعلق بالاستغلال اللامشروع لهذه الفئة المغلوبة على أمرها في الأعمال الربحية، على غرار التشغيل بالإكراه، أو التسول أو الدعارة.وفي هذا الإطار، يقترح النص الجديد الرامي إلى دعم حماية الطفولة، استحداث مندوب وطني لحماية هذه الشريحة، مع إنشاء هيئة وطنية يرأسها المندوب الوطني لحماية الطفولة ليكون بمثابة المدافع الأساسي عن حقوق الأطفال المعرضين للخطر أو الذين هم في وضعيات غير قانونية، وذلك لتعزيز إجراءات الحماية الاجتماعية والمرافقة القضائية لصالح هذه الفئة الضعيفة.كما يتولى المندوب الوطني لحماية الطفولة مهمة ترقية حقوق الطفل من خلال وضع برامج وطنية بالتنسيق مع مختلف الإدارات والمؤسسات العمومية والأشخاص المكلفين برعاية الطفولة، وتسند له أيضا مهمة القيام بكل عمل خاص بالتوعية في مجال حماية الطفولة وإعداد تقارير دورية حول حالة حقوق الطفل في الجزائر. كما يكرس النص القانوني الجديد حماية قضائية لفئة الطفولة الجانحة، باقتراح إجراءات قانونية مرنة خلال جميع مراحل المتابعة، مع وضع قواعد خاصة ومنح الاختصاص في التحقيق والحكم في قضايا الأطفال الجانحين لقاضي الأحداث إلى جانب توسيع اختصاص قسم الأحداث ليفصل في جميع الجرائم التي يرتكبها الطفل من مخالفات وجنح. وفي سياق متصل، يقترح القانون المعدل والمتمم لقانون العقوبات، تحديد السن الأدنى للمسؤولية الجزائية إلى عشر (10) سنوات، ويستفيد بموجبه الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 10 و13 سنة من تدابير إعادة التربية، في حين يقترح في المقابل تسليط أقصى العقوبات ضد مرتكبي جرائم اختطاف الأطفال تصل إلى حد تنفيذ حكم الإعدام، وهي النقطة التي يرتقب أن تثير بعض الجدل خلال النقاش، خاصة بعد أن أعلن بعض النواب صراحة اعتراضهم على إقرارها. من جانب آخر، يحمل تعديل قانون العقوبات أحكاما جديدة تدرج في المنظومة التشريعية الوطنية لأول مرة في الجزائر، وتتعلق بمحاربة التمييز بكل أشكاله سواء العرقي أو الديني أو على أساس اللون أو الأصل والجنس، حيث يعتبر مشروع التعديل هذا السلوك التمييزي مساسا بحقوق الإنسان، ويقر عقوبات مشددة على مرتكبي هذا الفعل تتراوح بين 6 أشهر إلى 3 سنوات سجنا، إذا تعلق الأمر بشخص طبيعي، وغرامة مالية تصل إلى 750 ألف دينار، إذا تعلق الأمر بتمييز يمارسه أشخاص معنويون. كما يقر النص عقوبات بالسجن والغرامات المالية على كل من يقوم بالتحريض على الكراهية أو التمييز ضد أي شخص أو مجموعة أشخاص بسبب انتمائهم العرقي أو الديني، أو ينظم ويروج ويشجع أو يقوم بأعمال دعائية من أجل ذلك. كما تشمل التعديلات المدرجة على قانون العقوبات المطروح أمام البرلمان، فضلا عن تشديد العقوبات على بعض الجرائم التي تفاقمت في الفترة الأخيرة، والتي تنعكس خطورتها على المصلحة الوطنية، مثلما هو الحال بالنسبة لجرائم التهريب، اعتبار بعض الأعمال الإجرامية أفعالا إرهابية، ومنها تحويل واختطاف أي وسيلة من وسائل النقل، والاعتداء بالمتفجرات أو المواد النووية، وإتلاف منشآت الملاحة الجوية والبحرية والبرية، وتخريب وسائل الاتصال واحتجاز الرهائن.وترمي كافة هذه التعديلات التي تمت دراستها على مستوى لجنة الشؤون القانونية والادارية والحريات التي استمعت في الشهر الماضي لمسؤولي قطاع العدالة والحقوقيين، إلى تكييف التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر، فضلا عن تعزيز المنظومة القانونية الوطنية بآليات لردع بعض الجرائم المرتكبة ضد الشرائح الهشة في المجتمع.