قد نتضجر من حالة طريق محفور، أو مسلك "مرصع" بالممهلات، فنجد أنفسنا نمتلئ "غضبا" وسخطا عمن هو مسؤول عن وضعيتها بل وقد تأخذنا العزة بالإثم فنطلق العنان لألسنتنا برسم كلمات لا تختلف وضعيتها عن وضعية تلك المسالك، ونسهب في انتقاد هذا "المير" أو ذاك المسؤول أو حتى ذلك المواطن غير المتحضر، لكن في كل الأحوال تبقى هذه التصرفات مجرد ردود أفعال آنية تخفتي حينا لتظهر حينا آخر، دون أن تحقق نفعا على أرض الواقع. ومن أطرف ما يكون أن نرضى بمحيط مهلهل وشوارع لا تستقر على حال جيدة، ونجد أن بعضهم -مثلما ذكره لي أحد المواطنين في وصفه لحال المواطن- صاروا يبررون اهتراء الطرق وتهشم المسالك بكونه "قدرا محتوما" لابد منه، حتى تكون المرافق العمومية المعتدى عليها سببا في استفادة مواطنين آخرين من تجارة قطع الغيار، وفي هذا السياق سألني أحدهم باستغراب طريف "وهل تريد أن تغلق محلات بيع قطع الغيار وورشات "التصليح الميكانيكي؟". وقد يكون هذا التفسير الفوضوي والفلسفة العرجاء من جنس تصرفات من يظنون أنهم يتركون مسالك حيهم محفورة أو "مرصعة" بالممهلات الخرسانية أنهم يحسنون صنعا، ويبعدون المخاطر من أمام أبواب مساكنهم، وقد لا يكون صحيحا البتة، لكون تصحيح الخطأ بالخطأ، وإزالة النجاسة بنجاسة أخرى لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقضي على مظاهر اللاتحضر التي تقبع في الذهنيات التي لا ترضى بكل ما هو منظم وجميل وحضري.