انفجر الوضع مجددا بعاصمة إفريقيا الوسطى، بانغي، التي شهدت، خلال نهاية الأسبوع، مقتل ما لا يقل عن 100 شخص وإصابة 155 آخرين في مواجهات مسلحة . وأقرت قيادة أركان الجيوش الفرنسية التي زجت بحوالي 650 جنديا من قواتها في الصراع الدائر في هذا البلد الإفريقي بقتل عسكريين فرنسيين لعديد الأشخاص قالت أنهم كانوا على متن عربة وكانوا يطلقون النار باتجاه القوات الفرنسية والمدنيين. وبدت العاصمة بانغي، أمس، وكأنها مدينة أشباح أو تعرضت لإعصار قوي أتى على الأخضر واليابس فيها بعدما بقيت شوارعها خالية من حركة المارة والعربات على السواء إلا من دوريات عسكرية تضمنها من حين لآخر القوات الفرنسية التي انتشرت بالمدينة حتى قبل إصدار الأممالمتحدة لقرارها الذي يعطي الضوء الأخضر للقوات الفرنسية بالتدخل العسكري في هذا البلد. وأكدت منظمة "أطباء بلا حدود" التي تتوفر على فرع طبي بالعاصمة بانغي أن الجثث التي أودعت، صباح أمس، بمصلحة حفظ الجثث بمستشفى العاصمة يجهل إذا كانت تعود لأشخاص قتلوا ليلة الخميس إلى الجمعة أو تلك الجثث التي بقيت مرمية في الطرقات بعد مجزرة الخميس. ولا تشمل أرقام القتلى المعلن عنها إلا المستشفى الأهلي بما يؤكد أن الحصيلة ثقيلة وتكون قد تجاوزت المئة قتيل ومئات الجرحى. واندلعت مواجهات عنيفة، أول أمس الخميس، شمال العاصمة بانغي بين مجموعات مسلحة حاولت الزحف على المدينة وقوات "سليكا" المتمردة التي تمكنت من الإطاحة بنظام الرئيس فرانسوا بوزيزي. وتسببت هذه المواجهات في سقوط عشرات القتلى بمختلف أنحاء العاصمة خاصة وأن الاشتباكات استمرت طيلة ليلة الخميس إلى الجمعة رغم فرض حظر التجوال. وعلى إثر ذلك، شرعت القوات الفرنسية التي أرسلتها باريس إلى إفريقيا الوسطى لمساعدة القوات النظامية على دحر المسلحين منذ أمس في عمليتها العسكرية بتكثيف دورياتها بالعاصمة بانغي في وقت بقيت فيه القوات الإفريقية المنتشرة بالمدينة في مواقعها الأولية. وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قد أشار، أول أمس، أن مهمة قواته هو التعاون إلى الجانب القوات الإفريقية من أجل ضمان الحد الأدنى للأمن بالمدينة والسماح لهيئات الإغاثة من إيصال المساعدات الإنسانية الى السكان المحاصرين. لكن وبعد مجازر أول أمس، أعلن هولاند عن عملية عسكرية فورية تقودها قواته من أجل تأمين الطرق والسماح بتقديم الإسعافات للجرحى ونقلهم إلى المستشفيات. وجاء إعلان الرئيس الفرنسي بالتزامن مع اعتماد مجلس الأمن الدولي للقرار رقم 2127 الذي يخول بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة نشر قوات فرنسية وإفريقية لمعالجة الوضع الخطير في جمهورية أفريقيا الوسطى. وهو القرار الذي رحب به الأمين العام الاممي بان كي مون واعتبره خطوة هامة في الوقت المناسب، مشددا على أن هذه الخطوة تعتبر رسالة عزم دولية للاستجابة لاحتواء الأزمة. ويسمح القرار للقوات الفرنسية بالتدخل في جمهورية أفريقيا الوسطى بهدف إعادة الأمن ويعطي تفويضا لقوة الاتحاد الإفريقي المنتشرة في أفريقيا الوسطى لفترة مدتها 12 شهرا قابلة للمراجعة كل ستة أشهر.