صادق نواب المجلس الشعبي الوطني أمس بالأغلبية، على مشروع القانون المعدّل لقانون العقوبات، والذي تضمّن أحكاما مشددة على بعض الجرائم الخطيرة، على غرار اختطاف القصّر والمتاجرة بهم، فضلا عن إدراج بعض الأعمال الإجرامية ضمن خانة العمل الإرهابي، وتجريم التمييز على أساس الجنس أو الأصل الإثني. وتميزت جلسة التصويت على هذا المشروع الذي يعدّل ويتمّم الأمر رقم 66 /156 المؤرخ في 8 جوان 1966 المتضمن قانون العقوبات، بامتناع كتلتي حزب العمال وتكتّل الجزائر الخضراء عن المصادقة على المشروع، بعد أن سجلت المجموعتان رفض غالبية اقتراحات التعديل التي تَقدم بها نوابها، والتي مست بشكل أساسي، مسألة الحكم بالإعدام على مختطفي وقاتلي الأطفال، وذلك رغم التباين الحاصل في موقفي المجموعتين. ففي حين رفضت لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات مقترح حزب العمال بإلغاء عقوبة الإعدام، اعتبرت المقترحات التي تقدمت بها كتلة تكتّل الجزائر الخضراء متكفلا بها بالشكل الوافي في القانون، كما رفضت اللجنة اقتراح نواب نفس المجموعة، بحذف المادة 295 مكرر 3 المتضمنة للحالات التي يُستثنى فيها تجريم التمييز، على غرار بناء التمييز على أساس الحالة الصحية، أو طبقا لطبيعة الوظيفة أو النشاط المهني. في المقابل، شدّدت لجنة الشؤون القانونية في تعديلاتها لمشروع القانون في الأحكام العقابية المطبَّقة على الأم المتسولة باستخدام أبنائها القصّر، ورفضت مقترح نواب جبهة العدالة والتنمية بالحذف الكلي لهذه المادة المرتبة 195 مكرر في مشروع القانون، والتي صار مضمونها بعد التعديل ينص على أنه "يعاقَب بالحبس من 6 أشهر إلى سنتين كل من يتسول بقاصر لم يكمل 18 سنة أو يعرّضه للتسول. وتضاعَف العقوبة عندما يكون الفاعل أحد أصول القاصر أو أي شخص له سلطة عليه". كما رفضت اللجنة مقترح رفع السن الأدنى للمسؤولية الجزائية للأطفال، إلى 13 سنة، وأبقت على مقترح الحكومة الذي حدده ب10 سنوات، مبررة ذلك بكون هذا السن لا يُعد سن توقيع العقاب، وإنما سن لتطبيق تدابير الحماية والتهذيب فقط، فضلا عن اعتماده بهدف تكييف التشريع مع الاتفاقيات الدولية لحماية الطفولة. وكرّست اللجنة في تعديلاتها تجريم العنف الجنسي المرتكب ضد المخطوفين خلال فترة اختطافهم، وأدرجت المواد البيولوجية والكيميائية والمشعة إلى البند المتعلق بالاعتداءات باستعمال المتفجرات أو المواد النووية في الأعمال الإرهابية، فيما كانت اقتراحات التعديل التي تَقدم بها النواب بلغت 38 تعديلا، وتمحورت في مجملها حول المسائل التي فصلت فيها اللجنة، فضلا عن محاور أخرى تخص إلغاء تدابير التخفيف عن الخاطفين، الذين يتراجعون عن أفعالهم، والتنصيص على عقوبة الإعدام صراحة بدل الإحالة على المادة 263 من قانون العقوبات، وتشديد العقوبات في جريمة بيع وشراء الأطفال. وعقب عملية التصويت على المشروع والتي تمت بعد تأكيد بلوغ النصاب القانوني بحضور 241 نائبا، نوّه وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح، بالنقاش الحماسي الذي دار بين النواب حول الأحكام الجديدة المتضمَّنة في مشروع القانون وموافقتهم عليه، واعتبر هذا الأخير لبنة جديدة تضاف إلى المنظومة التشريعية الوطنية لمكافحة الجريمة وحماية الحقوق والحريات. وأعرب الوزير، في سياق متصل، عن قناعته بأن هذا النص الجديد سيكون له موقع متميز في المنظومة القانونية الجزائرية، وذلك بالنظر إلى خصوصيات الظواهر التي يتصدى لها، وخاصة ظاهرة اختطاف الأطفال، التي تفشت، بشكل مخيف، في المجتمع الجزائري في الفترة الأخيرة، مشيرا إلى أن الأحكام الجديدة التي جاءت بها الحكومة لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، تندرج في إطار فلسفة شاملة لحماية الطفل، تقوم على الجانبين الردعي والوقائي، وتتكامل مع مشروع آخر سيتم إصداره في الأيام القادمة، ويخص حماية الطفولة. كما يُبرز تعديل مشروع قانون العقوبات، وفقا لما أكده ممثل الحكومة، حرص الدولة على تكييف تشريعاتها الوطنية مع الالتزامات الدولية المرتبطة بحماية حقوق الإنسان، وذلك يتجلى، حسبه، من خلال ما تضمّنه من أحكام تجرّم التمييز على أساس الجنس أو العرق، فضلا عن الأحكام التي تدرج بعض أشكال التخريب والتهديد الإرهابي. وخلص السيد لوح في الأخير، إلى أن مشروع القانون المعدّل لقانون العقوبات، جاء لتدعيم حماية الحريات الفردية والجماعية وحقوق الإنسان، ولمحاربة ظاهرة الإرهاب والإجرام بكل أنواعه.