يحتضن قصر الثقافة، ابتداء من أمس وإلى غاية الغد، ملتقى دوليا بعنوان ”الترجمة والمجالات ذات الصلة، مكانة اللغة العربية اليوم؟”، بمشاركة أساتذة من الجزائر ودول أجنبية ومن تنظيم المعهد العالي العربي للترجمة بالجزائر. وقالت السيدة إنعام بيوض، مديرة المعهد العالي العربي للترجمة بالجزائر، في افتتاح الملتقى الدولي بعنوان ”الترجمة والمجالات ذات الصلة، مكانة اللغة العربية اليوم؟”، إنّ هذه الفعاليات تشكّل منبرا فعّالا لتبادل الخبرات والآراء حول وضع اللغة العربية وآفاقها وسط تخمينات متفائلة وأخرى متشائمة، وأضافت أنّ القرن العشرين، عرف تقسيمات بين البلدان حسب معايير مختلفة مثل درجة التقدّم أو الرقعة الجغرافية المنتسب إليها البلد، بينما ينقسم القرن الحادي والعشرين حسب مجتمعات تعرف وأخرى لا تعرف في مجال المعلومات، وفي هذا الإطار، طالبت المتحدّثة بأهمية تأمين شروط عضوية اللغة العربية ضمن نادي اللغات العالمية. من جهته، اعتبر الدكتور محمد عبو، عضو مجلس الشورى ووزير الثقافة السابق، أنّ اللغة ليست فقط، لغة التدفقات الاقتصادية والتجارية، بل هي أيضا لغة إبداع وتصوّر للحياة حاضرا ومستقبلا، وبالتالي تشارك في البحث الدائم للإنسان حول حقيقة وجوده ومساره. وأشار عبو إلى أنّ اللغة العربية ليس من الصعب عليها الدخول في التاريخ بل من العسير أن تخرج من تاريخ قيّدها، مضيفا أنّ كلّ لغة يجب أن تعيد النظر في مسارها وأن تأخذ ما يدفعها إلى الأمام وتترك ما يثقل كاهلها، وللترجمة دور في هذا الصدد، إذ أنّها عبارة عن صنع مصطلحات جديدة وتركيبات معقدة من الكلمات والمواقف والعادات. أما فهد سالم الراشد، رئيس المجلس العلمي للملتقى ومستشار بالألكسو (تونس)، فقال إنه من فضل الله أنه اختار اللغة العربية لتكون لغة المعجزة ”القرآن”، معتبرا أنّ اللغة العربية ليست أم اللغات فحسب بل حاضنة لها وهو ما تمّ استنتاجه بعد دراسة استمرت ثلاث سنوات، كما أضاف أنّ اللغة العربية توفّر للكاتب، مساحة كبيرة من الكلمات والتعابير والمصطلحات فهي لغة طرية وموحية وطيّعة، وأنّ أكثر من دافع وكتب عنها هم من غير العرب. وشملت الجلسة الأولى، عدّة مداخلات من بينها مداخلة أنيسة داودي من انجلترا بعنوان ”العربية الالكترونية وترجمة الأدب العربي”، جاء فيها أن واقع اللغة العربية يعبر عن صراع بينها وبين واللهجات المحلية وهو ما انعكس على الأدب بظهور ”روايات” بالعامية ومن بينها ”بنات الرياض” التي هي في الأصل مجموعة من الدردشة بين الكاتبة ونساء أخريات، نشرتها في كتاب وطبعتها وعرفت نجاحا مدويا. وأضافت داودي، إن مثل هذه الأعمال تستعمل فيها كلمات بالعامية وأخرى بلغات مختلفة، وبعضها يُكتب بالعربية بتفكير غير عربي (فرنسي أو انجليزي)، وذكرت عناوين أخرى لمثل هذه الأعمال مثل ”قهوة المصريين” باللهجة المصرية كاملة وكذا ”رز باللبن لشخصين” التي كُتبت بتفكير انجليزي. أما الأستاذ نصر الدين سمار، من فرنسا، فتحدث عن البرنامج الذي يعمل عليه في فرنسا منذ عشر سنوات ويتمثل في ترجمة اللغة العربية إلى اللغة الانجليزية إلكترونيا، معتمدا على تقنيات حديثة، وقال إنّ غوغل (المحرك الشهير) يعتمد على مقاربة إحصائية في الترجمة ولا يهتم باحترام القواعد اللغوية والنحوية مثل عمليات الترجمة القديمة. وتناولت الطالبة هدى سعدان، من فرنسا، دراسة تتمثّل في المقارنة بين مختلف اللهجات المستعملة في العالم العربي، وقدّمت عدّة أمثلة عن هذا الموضوع مثل كلمة طاولة التي تتحول إلى ”طابلة” و«ميدة” بالجزائرية وطرابيزة بالمصرية، كما طالبت بأهمية أن يدرك المصحح اللغوي الالكتروني للكلمات المكتوبة باللهجات وأن لا يعتبرها ”خطأ”.