بموافقة مجلس الوزراء على النص التشريعي الخاص بتمديد صلاحية جواز السفر البيومتري الإلكتروني إلى 10 سنوات، تكون السلطات العمومية قد استجابت لمطالب المواطنين المتعلقة بتخفيف الإجراءات الإدارية، حيث يعد استخراج جواز السفر من أبرز الانشغالات المطروحة بالنظر إلى المدة التي تأخذها الإجراءات في استصدار الجوازات، وهو ما يؤرق العديد من المواطنين الذين غالبا ما يطالبون بتمديد جوازاتهم منتهية الصلاحية بدل إعداد وثائق جديدة وانتظار مدة أطول لاستخراج جواز سفر جديد. ومن المنتظر أن يدخل مشروع هذا النص التشريعي حيز التنفيذ في أقرب الآجال وفور صدوره في الجريدة الرسمية، مع إمكانية عرضه على البرلمان خلال الدورة الربيعية التي قد لا تشهد الكثافة المتوقعة بالنظر إلى قلة مشاريع القوانين التي ينتظر عرضها. وهو ما قد يسهل في تبني القرار ميدانيا لاسيما وأن المطلب يحظى بتأييد الأطراف الفاعلة في المجتمع. ويندرج هذا الإجراء في سياق حرص السلطات على تحسين الخدمة العمومية واستكمال إجراءات تخفيف الوثائق الإدارية التي ترهق المواطن، إضافة إلى مسايرة المتطلبات الدولية وتوصيات المنظمة العالمية للطيران المدني، في وقت سعت فيه بعض الدول إلى تحديث إجراءات استصدار جواز السفر لصالح تسيير عصري فعال، كما هو الشأن لجواز السفر الفرنسي الذي تصل مدة صلاحيته إلى 10 سنوات بالنسبة للبالغين و5 سنوات للقصر. كما أن الموافقة على تمديد صلاحية جواز السفر تدخل في إطار الوعي بالأهمية التي يمثلها هذا الإجراء على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، وفي الوقت الذي تشهد فيه الحركية التنموية التي أفرزتها التحولات الاقتصادية وتنقل الأشخاص تصاعدا كبيرا، لاسيما في ظل التواجد المكثف للجالية الوطنية في الخارج والتي كثيرا ما تشتكي من صعوبة استخراج الوثائق وبعد القنصليات عن مقر إقاماتها. ومن هذا الباب يبرز مسعى السلطات للحفاظ على صورة جواز السفر الجزائري باعتباره رمزا للكرامة الوطنية مثلما سبق وأن أكد على ذلك رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة منذ انتخابه، حيث كثيرا ما دعا القنصليات الجزائرية في الخارج إلى تحسين صورة البلاد من خلال تسهيل الخدمات والاستجابة لاحتياجات الجالية الوطنية هناك.وإذا كان هذا الإجراء قد يخفف الكثير عن الإدارة انطلاقا من أن التعامل مع جوازات السفر سوف لن يكون إلا بعد مرور 10 سنوات، فان ذلك سينعكس أيضا على المواطن الذي سيجد نفسه غير ملزم بتقديم رزمة من الوثائق كل خمس سنوات. وكان الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، قد أعلن خلال زيارته إلى ولاية الجلفة عن موافقة الحكومة لمشروع تمديد صلاحية جواز السفر وأن القرار بخصوص تمديد صلاحية شهادة الميلاد إلى عشر سنوات أيضا سيتم البت فيه لاحقا. ويندرج هذان الإجراءان ضمن الترتيبات التي تنوي الحكومة تبنيها من أجل القضاء على البيروقراطية التي قال عنها رئيس الجهاز التنفيذي إنها "هدمت المجتمع الجزائري وأفقدت المواطن الثقة في الإدارة"، مما يستدعي البحث عن حلول عاجلة. وقد تم عرض مشروعي النصين التنظيميين المتعلقين بجواز السفر البيومتري والحالة المدنية على اجتماع الحكومة مؤخرا، حيث يتضمنان أحكاما جديدة ترمي إلى ترقية مستوى الخدمة العمومية من خلال عدة إجراءات، أهمها التخفيف من الوثائق المطلوبة فضلا عن التقليص من آجال تسليمها. وهو الهدف المتوخى من البرنامج الذي تم وضعه تطبيقا للتعليمات التي كان قد أصدرها الوزير الأول، في الوقت الذي تم فيه التأكيد بأن حذف 60 بالمائة من الوثائق الإدارية المطلوبة في الملفات والذي يعد من أهم ما يرمي إليه هذا البرنامج هو هدف وشيك التحقيق وذلك عقب انتهاء الوزارة من جرد وحصر كل الوثائق المطلوبة على مستوى كل القطاعات الأخرى، حيث أظهرت العملية بأن عدد الوثائق التي يتطلبها إعداد الملفات غير معقول. وفيما يتعلق بجواز السفر كان المدير العام للحريات العامة والشؤون القانونية بوزارة الداخلية، محمد طالبي، قد تحدث في وقت سابق عن ربط مديرية المستندات والوثائق المؤمنة بنظام إعلام آلي متصل بالبطاقية الوطنية لصحيفة السوابق العدلية على مستوى أجهزة العدالة بغرض التسريع في إجراءات التحقيق الإداري. وقد تم لهذا الغرض الاستعانة بفرق متخصصة من مهندسي الإعلام الآلي التابعين للمديرية العامة للأمن الوطني للتكفل بهذا الجانب. وقد عرف التعديل الوزاري الأخير الذي أجراه رئيس الجمهورية استحداث، لأول مرة في تاريخ البلاد، منصب الوزير المنتدب المكلف بإصلاح القطاع العمومي والذي أسند لمحمد الغازي الوالي السابق لولاية عنابة، حيث تمت الإشارة إلى أن استحداث هذه الوزارة الجديدة يعكس إرادة رئيس الدولة في إصلاح هذه الخدمة و تكييفها مع المتطلبات الحديثة. وقد نصبت هذه الدائرة الوزارية لجنة وزارية مشتركة مهمتها تحديد الاختلالات التي تعرفها الخدمة العمومية من بينها الإجراءات الإدارية. إلى جانب تلقي الاقتراحات الصادرة عن مختلف الدوائر الوزارية من أجل تخفيف هذه الإجراءات. وفي هذا الصدد وجهت تعليمتان لمختلف الوزارات في شهري سبتمبر وأكتوبر الأخيرين من أجل إعداد برنامح حول الاقتراحات التي من شأنها وضع حد للبيروقراطية.