نشأ ”الراب” في أمريكا، وأصحابه هم السود الذين استعبدهم البيض ليجدوا فيه ضالتهم للتعبير عن آلامهم والتنفيس عن مكنوناتهم، وتجسيد حجم معاناتهم جراء الذلّ والمهانة التي كانت نصيبهم وقتها. يعرّف ”الراب” على أنه موسيقى غنائية سريعة، يقوم مؤديها بترديد إيقاعي سريع لكلمات الأغنية المكوّنة من عدد كبير من القوافي تعالج عادة مواضيع اجتماعية أو عاطفية أو سياسية مثيرة للجدل، متحرّرة وجريئة إلى أبعد الحدود في الكتابة والتلقائية في ألفاظها أي، لا تعرف تحفظا أو مجارات لكن لا تصل إلى حد الوقاحة والتجريح. ومحترف الراب هو مؤد فقط إذ لا يغني بل يردد كلمات لها مرماها ووقعها في المجتمع، لذا فعذوبة الصوت وجماله لا أهمية لهما بالنسبة لهذا الفن الناقد، الناقم من أوضاع المجتمعات العربية من بطالة وفقر وتهميش. و”الراب”، كان كما ذكرنا فيما سبق نوع غنائي تعبيري، ليقتحم مجاله البيض، وينتقل شيئا فشيئا من أوربا إلينا نحن العرب، ليتحول لظاهرة فنية لها أبعادها وأهدافها، ويصبح من الفنون التي جرفتها العولمة وهو الفن الذي يتبناه عادة الشباب للتعبير عن مشاكلهم وهمومهم وأحلامهم الضائعة والذي عرف عندنا مؤخرا للأسف الشديد وجهة انحرفت من التعبير عن الأوضاع الاجتماعية للتجريح في شخصيات سياسية لها، وهذا ما لم يرق بعض مؤدي هذا الفن الذين عبروا عن استيائهم لما آل إليه مضمون الراب وانحراف رسالة هذا الفن من التعبير وطرح مشاكل الصغير والكبير للسب والشتم والتجريح ليخرج بذلك عن اللباقة والأدب واحترام الآخرين ...