كشف وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية، السيد الطيب بلعيز، أمس، أن مشروع السجل الوطني للحالة المدنية أصبح ”جاهزا تقنيا وفنيا وإداريا”، مرجحا أن يشرع في تطبيقه خلال الشهر القادم، وهو ماسيسمح للمواطنين بطلب عقد الميلاد أينما تواجدوا وفي أي بلدية قريبة منهم. كما كشف عن تقديم مشروع قانون جديد للحالة المدنية، الخميس الماضي، أمام الحكومة التي وافقت عليه، ومما ينص عليه تمديد صلاحية عقد الميلاد إلى 10 سنوات. وأكد الوزير أمام أعضاء المجلس الشعبي الوطني أنه سيتم إلغاء بعض المراسيم التنفيذية والنصوص التنظيمية وتحيين وتعديل أخرى، منها مرسوم سيسمح بتقليص الوثائق المطلوبة في ملفات تتعلق بالحالة المدنية من 36 إلى 13 وثيقة، فضلا عن عرض مرسوم على الحكومة حول التصديق على الوثائق، سينص على عدم حاجة الهيئات العمومية للتصديق على الوثائق التي تصدرها وكذا عدم التصديق على الوثائق التي يتم تبادلها بين السلطات العمومية. واعتبر الوزير أن التصديق على الوثائق يعد بمثابة تشكيك مسبق في براءة المواطن وهو ما يخالف القانون الذي ينص على أن الإنسان بريء إلى حين ثبوت العكس، وقال إنه في حالة الشك فإن على الهيئات القيام بالرقابة، كما أن أي عملية تزوير المسؤول عنها هو الشخص الذي قدم الوثيقة وليس الهيئة التي أصدرتها، إلا في حال تواطؤ أحد أعوانها في ذلك. وأوضح بلعيز أن كل هذه الإصلاحات والتعديلات التي ستمس القوانين والمراسيم تهدف إلى الوصول إلى ”الاكتفاء برقم وطني يعطى لكل مواطن من ولادته إلى غاية وفاته”. وبمناسبة عرضه لمشروع القانون المتعلق بسندات ووثائق السفر في جلسة علنية ترأسها، أمس، رئيس المجلس الشعبي الوطني، السيد العربي ولد خليفة، ذكر وزير الداخلية بأن عملية الجرد التي قام بها مفتشو الوزارة أظهرت أن 60 بالمائة من الوثائق المطلوبة في الملفات الادارية ”لاتخضع لاللعقل ولا للمنطق”، قائلا إن بعض الأمور التي تم اكتشافها في عملية الجرد ”تضحك وتبكي”، ضاربا المثل بتحديد صلاحية شهادة الوفاة. بل إنه لم يتردد في القول بأن بعض القوانين ذات العلاقة والتي ترجع إلى السبعينيات ”مخالفة لأحكام الدستور وقوانين الجمهورية”، من بينها مسألة التحقيقات عند إيداع ملف طلب جواز السفر والتي قال إنه تم إلغاؤها بموجب مشروع القانون الجديد بالنظر إلى كونها تنافي المادة 44 من الدستور التي تنص صراحة على أنه للكل الحق في التنقل داخل وخارج الوطن بكل حرية، ولذا فإن أحد أهم أحكام القانون الموضوع تحت النقاش في قبة البرلمان ”تحرير جواز السفر من التحقيقات”. وردا على النواب الذين تخوفوا من هذا الأمر، أشار إلى أن ”الذي يمنع أي مواطن مهما كان نوع جواز سفره من السفر إلى الخارج ليس الوثيقة ولكن الأحكام القضائية التي تطبق على الجميع”. واعتبر أن تلك التحقيقات كانت تعد بمثابة ”قيود خطيرة على حقوق المواطن”، مضيفا بأن ”العدالة هي وحدها من يقرر منع مغادرة أي شخص للتراب الوطني”. ويأتي مشروع القانون الذي ناقشه النواب، أمس، في إطار سعي الحكومة ووزارة الداخلية إلى مكافحة البيروقراطية ”الحمقاء” على حد تعبير السيد بلعيز الذي قال إنها ”مهمة الجميع سواء كانوا إطارات معينين أو منتخبين”. كما أنه يدخل في مسار سيتواصل إلى غاية تحقيق هدف تخفيف المعاناة والغبن عن المواطنين، كما شدد عليه. وأوضح الوزير أنه يسمح بمطابقة أحكامه مع الدستور وكذا مع أحكام الاتفاقية التي وقعتها الجزائر مع المنظمة العالمية للطيران المدني، ويعد ”السند القانوني لجواز السفر البيومتري الذي تم الشروع في استصداره منذ جانفي 2012”. وبموجب مشروع القانون ذاته سيتم تمديد صلاحية جواز السفر من 5 إلى 10 سنوات بالنسبة للبالغين فيما تبقى لمدة 5 سنوات بالنسبة للقاصرين، مع الإشارة إلى أن الجواز أصبح بموجب القانون الجديد وثيقة شخصية تعطى لكل فرد بغض النظر عن سنه، أي حتى الأطفال سيتحصلون على جوازات سفر منفردة. من جهة أخرى، فإن هذا القانون سيسمح بمطابقة العقوبات الواردة مع قانون العقوبات، إذ أشار الوزير إلى أن القانون الحالي لاينص إلا على عقوبات مخففة أغلبها دفع غرامات بالنسبة للمزورين، رغم أنه وفي رده على انشغالات النواب عبر عن اقتناعه بأن تزوير جواز السفر البيومتري ”مستحيل” بالنظر إلى توفره على ”30 عنصر مراقبة”. وأكد أنه يتم حاليا استصدار 12 ألف جواز سفر بيومتري يوميا، وأن العدد سيصل إلى 18 ألفا يوميا قريبا، متوقعا أن يتم الانتهاء من العملية نهاية السنة الجارية. ولان مسألة مدة استلام الجواز شكلت انشغالا رئيسا في أغلب تدخلات النواب لدى مناقشة مشروع القانون، فإن بلعيز حاول طمأنة الرأي العام من خلال تأكيده التزام الحكومة للوصول إلى استخراج جواز السفر البيومتري في أجل لايتعدى ال24 ساعة. وبخصوص البطاقة الوطنية، اعترف وزير الداخلية بأنها ”لاتشرف البلد”، لكنه اعتبر أن المسألة تتعلق بالامكانيات والأولويات، إذ أعطيت الأولوية لجواز السفر البيومتري نظرا للالتزامات الدولية وبعدها سيتم الانطلاق في استصدار بطاقات وطنية بيومترية. من جهة أخرى، تحدث عن برنامج هام لتكوين أعوان الادراة داخل وخارج الجزائر، مشددا على أهمية الموارد البشرية في تحسين الخدمات الادارية المقدمة للمواطن والتي ستستفيد من ”زيادات معتبرة في الأجور”، كما قال، مع تأكيده على أن الممارسات التي عمرها خمسون سنة لايمكن إلغاؤها في أشهر. وأثنى أغلب النواب في تدخلاتهم على أحكام مشروع القانون، الذي اعتبروه هاما بما تضمنه من مواد تكرس حق المواطن في التنقل بحرية وتخفف الوثائق الادارية وتمدد في صلاحية جواز السفر. إلا أن البعض تساءل عن سبب الاستعجال في تقديم القانون –الذي شرعت لجنة الشؤون القانونية والادارية والحريات في دراسته يوم 9 جانفي الجاري- مما أدى إلى تسجيل نقائص و«عدم الدقة” في الكثير من الأمور، كما أعاب آخرون الشروع في استصدار جوازات سفر بيومترية قبل وضع السند القانوني لها وهو مايتنافى مع التنظيم المعمول به. في السياق، اعتبر نواب أن القانون جاء متأخرا جدا، فيما تساءل آخرون عن ”قانونية” الجوازات البيومترية التي استخرجت قبل صدور القانون الجديد. ولاحظوا عدم وجود إشارة إلى مدة تسليم الجواز. هذا الأخير وبعيدا عن الأمور الادارية، فإن ”سمعته” تعد مهمة بالنسبة للنواب الذين أشاروا إلى صعوبة التنقل للخارج بسبب فرض التأشيرات على الجزائريين من قبل أغلب الدول. من جانب آخر، اقترح النواب تعميم استخدام الاعلام الآلي في السجلات المدنية وربط جميع البلديات بالانترنت وإنشاء مواقع الكترونية لكل بلدية تسهل التواصل مع المواطن، واقترحوا كذلك وضع بنك معلومات وشبكة ”انترانات” وكذا فتح مصالح على مستوى البلديات للتخفيف من الضغط في الدوائر ذات الكثافة السكانية الكبيرة. فيما نبه نائب إلى أهمية حماية المعلومات الخاصة بجوازات السفر البيومترية ودعا إلى اتخاذ تدابير أفضل لتأمينها من أخطار السرقة والقرصنة، واصفا هذه المعلومات ب«النوع الجديد من السيادة الواجب حمايتها”، مشيرا إلى أن ذلك يتطلب تشريعا خاصا. وحسب التقرير التمهيدي للجنة الشؤون القانونية والادارية والحريات، فإنه تم إدراج تعديلين مسا المادتين 10 و19 من القانون إضافة إلى جملة من التعديلات الشكلية.