سجلت جمعية تضامن ”أيدز” الجزائر خلال عام 2013 حوالي 500 حالة جديدة للمصابين بداء فقدان المناعة المكتسبة، وأرجع أحسن بوفنيسة رئيس جمعية تضامن ”أيدز” سبب ارتفاع حالات الإصابة إلى غياب ثقافة الكشف المبكر والدوري بعد دخول المرأة والرجل في علاقة جنسية مشبوهة غير محمية. وحول المجهودات التي تبذلها الجمعية والمشاريع المعتمدة للوصول إلى الحد من حالات الإصابة بتفعيل الوعي، حاورت ”المساء” رئيس الجمعية في هذه الأسطر. 500 حالة جديدة تم إحصاؤها، ألا تعتقدون أن العدد كبير؟ حقيقة عندما نسجل خلال سنة واحدة 500 حالة للمصابين بداء فقدان المناعة، يعني ذلك أن الوعي بأهمية الفحص المبكر لا تزال ضعيفة في مجتمعنا، لأن أغلب الحالات المسجلة كانت نتيجة الدخول في علاقات جنسية غير محمية، معنى هذا أننا كجمعية لابد أن ندق ناقوس الخطر ونكثف من الأعمال التحسيسية بغية تشجيع الأفراد على التشخيص المبكر الذي يلعب دورا كبيرا في الحد من عدد المصابين.
بالحديث عن المصابين، ما هي الفئة الأكثر عرضة للإصابة بداء فقدان المناعة المكتسبة؟ تعتبر النساء أكثر عرضة لداء السيدا، إذ تشير الإحصائيات إلى أن 35 بالمائة من المصابات نساء يقابلهن 49 رجلا، وهذا راجع إلى تركيبة المرأة الفزيولوجية التي تجعل احتمال إصابتها أكبر بثلاث مرات من الرجل.
في رأيكم ما هو المطلوب لتحفيز الأفراد على التشخيص المبكر؟ أعتقد أن العمل التحسيسي، رغم أهميته، لم يعد يحظى بالاهتمام لأن المطلوب اليوم هو الشروع في رسم إستراتيجية جادة تضم كل الشركاء الفاعلين لنشر برنامج عمل يقوم على تحفيز الأفراد، لأن المجتمع اليوم غير مهتم بالموضوع من منطلق أن أفراده غير مصابين أو أنهم يجهلون أنهم مصابون، وحتى نثير الاهتمام بهذا الموضوع، لابد أن يكون العمل الميداني أكبر بكثير مما هو عليه اليوم، إذ يقتصر على مجرد توزيع مطويات لا تقرأ، للأسف.
ما هو المطلوب من أجل تسطير استراتيجية فعالة تحقق نتائج ملموسة في مجال محاربة الأيدز؟ لا تنقصنا المهنية كجمعية، فلا يخفى عليكم أننا نشرف من خلال برنامجنا على تكوين وسطاء اجتماعيين، ونملك على مستوى الجمعية تشكيلة متنوعة من المختصين المؤهلين وأصحاب الخبرة في مجال التعامل مع المصابين بداء فقدان المناعة المكتسبة، إلا أن الإشكال الكبير الذي يواجهنا كمجتمع مدني هو ضعف الأنشطة التي لها علاقة بالصحة، فرغم أننا كجمعيات من الناحية الواقعية يجمعنا قانون واحد إلا أن طريقة الدعم تختلف، إذ أن بعض التخصصات التي تعمل عليها بعض الجمعيات تحوز دعما كبيرا، في المقابل نجد جمعيات أخرى تنشط في مجالات حساسة كالصحة لا تستفيد من الدعم الكافي، مما يجعلنا نعاني مثل المريض.
على ما ذا تركز الجمعية في نشاطها الوقائي؟ تعمل الجمعية اليوم في إطار تفعيل نشاطها الوقائي على ثلاثة محاور هامة هي؛ المحور البسيكو اجتماعي، محور العمل الوقائي والجواري ومحور التكوين، لأننا لا نستطع أن نعمل دون الاعتماد على الوسيط الجمعوي أو على تكوين المختصين، ويظل هذا العمل المهني والاحترافي غير كاف في ظل بقائه محصورا بالمكتب، لأن العمل الذي لا يستهدف المجتمع تظل نتائجه هزيلة.
كيف تعمل الجمعية ميدانيا؟ على مستوى الجمعية، نستقبل الأشخاص الذين يقصدوننا طلبا للتوجيه، الدعم والمساعدة بالاعتماد طبعا على المختصين الذين يعملون معنا، كما ننشط بطريقة مباشرة بالتواصل مع المرضى الموجودين على مستوى المؤسسة الاستشفائية بالقطار لمساعدتهم على تقبل فكرة التعايش مع المرض، ولدينا حالات نتعامل فيها بطريقة استثنائية ومنفردة مع المصابين عندما يتعلق الأمر برفع دعوى قضائية، كالحالة التي تستطيع فيها الزوجة مثلا أن تثبت فيها أن زوجها تعمد إصابتها بالمرض أو العكس، ويدخل هذا العمل في إطار حماية حقوق المصاب، أو عندما نواجه حالة جديدة بحاجة إلى الاندماج بالمجتمع.
هل برمجت الجمعية بعض المشاريع لتمكين المصاب من الاندماج بالمجتمع؟ حقيقة من أهم الأعمال التي بادرت بها الجمعية وحققت من ورائها نتائج جد إيجابية؛ إطلاق مشروع ”فضاء للحياة” الذي يخص المرافقة البسيكواجتماعية للأشخاص الحاملين للفيروس، هذا المشروع رغم أنه لم يحز الدعم الكافي من وزارة التضامن الوطني، إلا أن إرادة الناشطين بالجمعية تمكنت بالدعم القليل الذي حصلت عليه من تمويل المشروع. .
فيما تتمثل أهم نتائج مشروع ”فضاء الحياة”؟ مشروع فضاء الحياة عبارة عن امتداد لعمل الجمعية، يستهدف تحقيق نتيجتين وهما رفع معنويات المصاب وتعزيز ثقته بنفسه، مع تسهيل إندماجه بالمجتمع، ولعل أهم النتائج التي حققها المشروع منذ انطلاقه سنة 2005 تتمثل في تمويل ما يعادل 35 مشروعا يصطلح على تسميتها ”المشاريع المنتجة”، وفي عام 2013 تمكنا من تمويل 5 مشاريع للنساء المتعايشات مع المرض ليتمكن من الاندماج بالمجتمع ويتحولن إلى منتجات.
كلمة أخيرة؟ أريد أن يتنبه الناس الذين يكون لديهم شك بعد دخولهم في علاقة جنسية غير محمية لمسألة مهمة، وهي أن التشخيص بقدر ما هو إجراء بسيط بقدر ما هو مهم من الجانب الوقائي، وما أحوجنا إلى التحلي بروح المسؤولية.