من المتوقع أن تصل الجزائر إلى تحقيق الاكتفاء في عملية جمع الدم، بعد أن سطرت الوكالة الوطنية للدم إستراتيجية جديدة تقتضي الذهاب إلى المتبرع في مقر عمله مرتين في السنة، مما سيضمن لها ربح متبرعين منتظمين، بالتالي تحقيق الهدف المنشود، وهو الوصول إلى 100 بالمائة من التبرعات خارج الإطار العائلي. عملت الوكالة الوطنية للدم مؤخرا على تغيير استراتيجيتها لجمع التبرعات بالدم، فلم يعد الأمر مقتصرا على جمع هذا السائل الحيوي من مراكز حقن الدم أو بفضل الشاحنات المتنقلة لنفس الغرض، أو حتى عن طريق انتظار المتبرع نفسه للقدوم طواعية والتبرع بدمه، إنما تسعى الوكالة إلى أن تتوجه بنفسها نحو المتبرعين في أماكن العمل وأينما كانوا، خاصة أن الشريحة العمرية القابلة للتبرع بدمها والمحددة بين 18 و65 سنة عادة ما تكون نشطة اقتصاديا، لذلك فإن الاستراتيجية الجديدة تقتضي من الوكالة تغيير الأدوار، فلا تنتظر أن يأتي المتبرع بنفسه، إنما تذهب هي إليه. وعلى هذا الأساس، تقوم الوكالة منذ عام 2013 بتنظيم حملات جمع التبرعات بالدم في أماكن عمل الموظفين بعدة مؤسسات من القطاعين العام والخاص، بعد اتفاق مسبق بين الوكالة وعدة مؤسسات، مما سمح بجمع عدد هام من التبرعات، إضافة إلى دعمها من خلال تنظيم حملات في الفضاءات العمومية، على غرار ما تم خلال أيام 21، 22 و23 ديسمبر 2013 بساحة البريد المركزي، حيث تم جمع 543 كيس دم، مثلما تؤكده ل”المساء” الدكتورة مريم يحياوي من الوكالة الوطنية للدم، حيث تقول الدكتورة بأن التبرع بالدم عملية تطوعية وخيرية يعمل من خلالها المتبرع على إنقاذ حياة 3 أشخاص، مشيرة إلى أهمية عمليات التحسيس بها لتصل إلى سلوك فردي وطوعي منتظم؛ “هدفنا بلوغ نسبة 100 % من المتبرعين المنتظمين، وعلى هذا الأساس توجهنا مؤخرا إلى جمع تبرعات العمال في أماكن عملهم، كانت العمليات التي قمنا بها العام المنصرم بعدة مؤسسات، على غرار “جازي” للهاتف النقال وشركات طاسيلي للطيران، الجوية الجزائرية وغيرها ناجحة جدا، حيث كان تجاوب العمال مع الحملة رائعا وهو ما جعلنا نعمل على تطوير هذه العملية بترقيتها لاستراتيجية وطنية لجمع التبرعات بالدم من عند العمال في مختلف القطاعات”، تقول الدكتورة، متأسفة من كون عملية التبرع بالدم ما تزال تثير بعض المخاوف عند شريحة واسعة من المواطنين، تقول: “أحيانا تسجل المستشفيات ندرة في الدم، مما يجعل مهمة الطاقم الطبي والجراحي صعبة في الحصول على ما يُحتاج إليه من دم خلال العمليات الجراحية، وهو ما يؤدي بالأطباء إلى جمع التبرعات من أفراد عائلات المرضى، حيث وصلت نسبتها على المستوى الوطني 40% ، ونريد الخروج من هذه الدائرة والارتقاء بعمليات التبرع للانتظام والوصول إلى 100% من المتبرعين المنتظمين، 4 مرات في السنة بالنسبة للرجال و3 مرات بالنسبة للنساء ضمن الفئة العمرية المتراوحة بين 18 و65 سنة”، وتضيف الدكتورة: “لدينا مثال وطني يقتدى به، وهو ولاية قسنطينة التي حققت نسبة تبرع 100 بالمائة من المتبرعين المنتظمين”. جدير بالإشارة إلى أن الزمرة الدموية الإيجابية هي المهيمنة لدى أغلب الجزائريين بنسبة 85%، والزمرة السلبية تمثل 15 %. ولبعض التفاصيل فإن 37.40% من الجزائريين ينتمون إلى الزمرة الدموية O+، و28.5% ينتمون إلى زمرة A+، و4.25 % ينتمون إلى الزمرة AB+، أما الزمر السلبية فهي مقسمة بين 5% بالنسبة ل A- و 2.70% لفئة B-، ونسبة 6.60% لفئة O-، ونسبة 0.75% بالنسبة للزمرة السلبية .AB- نذكر أن مصالح الجراحة بالمستشفيات تستهلك 57% من الدم المتبرع به، فيما تستهلك مصلحة الاستعجالات 22 % منه، وتتقاسم مصالح أخرى، مثل مصلحة الولادات ومصلحة أمراض الدم وغيرها النسبة المتبقية. كما نشير إلى أن التحاليل التي يخضع لها الدم المتبرع به سمحت باكتشاف أمراض متنقلة لدى 2% من مجموع الدم المتبرع به، ومنها أمراض ‘الاش أي في' والالتهابات الكبدية الفيروسية ‘بي'، ‘سي' ومرض الزهري، وهي الحالات التي يتم فورا الاتصال بأصحابها وتوجيههم لإجراء تحاليل تأكيدية بهدف متابعتهم طبيا.