صدر هذا الأسبوع كتاب للأستاذ الباحث عبد القادر بن دعماش بعنوان »الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني 1958-1962«، يتناول بالدراسة تاريخ هذه الفرقة التي انخرطت في العمل الثوري والذي كان له صدى وطني وعالمي. الكتاب مساهمة تهدف الى الاعتراف بحق الفنانين الذين لبوا نداء الوطن كرجل واحد وبدون تردد منذ أن جاءهم امر الثورة للإلتحاق بالتراب التونسي وتكوين فرقة فنية على غرار فريق جبهة التحرير الوطني الذي أدى دورا لا يستهان به في التعريف بالثورة التحريرية. مهمة الفرقة كانت الدعاية والتعريف بالقضية الجزائرية في جميع الدول من خلال التأكيد على الثقافة الوطنية التي لا تمت بصلة لثقافة المستعمر وللرد على مزاعم فرنسا بأن الجزائر جزء من ترابها وبأن سكانها فرنسيون. إن نضال هؤلاء الفنانين وعلى رأسهم الراحل مصطفى كاتب المشرف على الفرقة يعتبر ترجمة للروح الوطنية التي جسدها هؤلاء. أعضاء الفرقة يمثلون مختلف مناطق الوطن جابوا العالم تاركين وراءهم الاحبة والأهل الذين كانوا كلهم فداء للوطن. تتكون هذه الفرقة من مجموعتين، مجموعة المسرح ومجموعة الغناء والموسيقى والرقص، وقدمت عروضا لاقت اعجاب الجماهير عبر العالم حتى أن الزعيم الصيني ماو قال عنها »بأنها أدت دورا كبيرا في التعريف بالثورة وأثرت على الشعوب وهذا ما كان يصعب على الدبلوماسيين أن يقوموا بمثله في فترة وجيزة«. إن الاعتراف لهؤلاء الفنانين ما هو إلا واجب وطني وإنساني حتى لا نمحي أسماءهم من الذاكرة. يتضمن الكتاب تفاصيل تشكيل الفرقة التي قدمت أول عرض مسرحي لها »نحو النور« في 24 ماي 1958 بتونس، ويحكي العرض قصة شاب فدائي ألقي عليه القبض وعذب لحد الأغماء وأصبحت صورة أمه تتراءى له وتدعوه إلى جولة يرى فيها ذكريات ختانه وزواج أخيه وزيارات أقاربه والأشعار والمقطوعات الموسيقية والأغاني والرقصات، لكن شدة ألمه ترجعه الى الواقع، شرعت الفرقة في شهري جوان وجويلية سنة 1958 في جولة عبر التراب التونسي، ثم جاءت رائعة »أولاد القصبة« في 10 ماي 1959 التي زلزلت القلوب وأحدثت هيستيريا في الجمهور من شدة التأثر. ثم جاءت مسرحية »الخالدون« في 12 أفريل 1960 التي رحلت رفقة مسرحيات أخرى الى الصين، ثم الاتحاد السوفياتي ويوغسلافيا، وقد بلغ متفرجو إحدى حفلات الفرقة مسجلة على شريط إلى 4 ملايين متفرج غيرما مرة كان المتفرجون يهتفون للفرقة »أنتم لستم فرنسيين« مفندين الدعاية الفرسنية. قدم الكتاب أيضا قائمة للأغاني والأناشد التي قدمتها الفرقة، كما خصص جزءا مهما لتقديم ببلوغرافيا لكل أعضاء الفرقة مرفوقة بصورهم علما أن عدد أعضائها فاق الخمسين عضوا، إضافة إلى صور نادرة للفرقة. للإشارة فإن الكتاب صادر عن منشورات أنترسيني.