المرافقة مصطلح يبدو للوهلة الأولى بسيطا، غير أنه في حقيقة الأمر يحمل في طياته الكثير من الدلالات التي على أساسها يطهر المجتمع من مختلف الظواهر، وهي الفكرة التي ارتأى زين الدين العربي إمام مسجد ابن فارس بالقصبة وعضو بالمجلس الإسلامي الأعلى، التأكيد عليها في اللقاء الذي جمعنا به مؤخرا حول دور الخطاب المسجدي في محاربة المخدرات، حيث أكد أن الاعتماد على الخطاب في إصلاح وتوجيه حال الشباب غير كاف، موضحا أن الأخذ بأسلوبي الترغيب والترهيب لم يعد يأتي بنتيجة ظاهرة، لأن المنطق يقضي اليوم أنك يمكن أن تؤثر على الفرد لحظة دخوله المسجد، مثلا، للاستماع للخطبة، فنجده يتأثر ويقرر، مثلا، العزوف عن ظاهرة معينة، كتعاطي المخدرات أو الترويج لها، غير أنه ما إن يغادر المسجد حتى ينسى ما سمعه ويتمادى أكثر فأكثر فيما كان يتعاطاه، لأن المرافقة، للأسف الشديد، غير موجودة وهي المطلوبة لنجاح أي مسعى إصلاحي في محاربة ما نعيشه من ظواهر. حقيقة يبدو أن الأستاذ زين الدين أصاب في تأكيده على المرافقة، إذ قدم لنا بعض الدلائل التي تعكس نجاحه في تغيير واقع بعض الشباب من خلال مرافقتهم خارج المسجد، أي جعل دوره التحسيسي يخرج عن إطار المسجد ليحتك بأبناء حيه، لمحاولة حثهم على ترك هذه السموم بمراقبتهم المستمرة والدائمة، وهو في اعتقادي، المطلوب لنجاح أي عمل في مجال محاربة مختلف الظواهر الاجتماعية. ولأن ظاهرة المخدرات تفشت بصورة كبيرة بين أوساط الشباب، يقع على عاتق المجتمع المدني والأولياء والأئمة التنبه إلى أهمية المرافقة المستمرة التي تجعل الشاب المنحرف يشعر بوجود شخص يراقبه ويحاصره ويلزمه على تغيير حاله.