ليس هناك أغلى وأنفس من التضحية بالنفس في سبيل أن تعيش أنفس أخرى وأجيال متلاحقة في كنف الحرية والانعتاق والسيادة والتخلص من ربقة الظلم والاستدمار، ذلك هو فكر الشهداء وفلسفتهم في حياة استرخصوها من أجل وطن غال، وهو قمة التضحية التي لاتضحية أجسم وأعظم منها. ولو لا ذلك الرعيل الخالد والمبدأ الماجد ما رفرف الأبيض والأخضر والأحمر في سماء الجزائر وما اندحر الاستعمار الغاشم أمام بسالة الأبطال والحرائر، رغم العدة والعتاد، والعدد والمدد، ولولا قوة الإرادة وصلابة المبادئ وإخلاص الوطنيين ما تراجع الحلف الأطلسي وتقهقرت الجحافل الغربية في ساحة الوغى وانتصرت قوة الحق على وهم الظلم والاستبداد واللا إنسانية في أسوأ صورها. جدير بنا اليوم أن نقف وقفة إكبار وإجلال لذوي الأنفس النفيسة من الشهداء والمجاهدين ونحن نحتفل بيوم الشهيد وهي المحطة التي تستوقفنا لكي نراجع مكانتنا في هذا الوطن ونستقرئ تاريخ مختلف المراحل التي مرت بها بلادنا وهي المحك الصعب الذي لا يصمد خلاله إلا من كانت أسسه سليمة وعميقة. جدير بنا اليوم أن نبذل قليلا مما بذله الأولون وذلك بالعمل وروح الوطنية والتعلم لكسب مناعة ضد عوادي الدهر وتحديات العصر التي لا ترحم الضعيف، ولن يتأتى ذلك إلا بالأخذ بفكر وفلسفة جيل الثورة الذي يخرج من مشكاة واحدة وقناعة فريدة صقلت على حب الوطن لأنه من الإيمان.