كشف الدكتور أحمد بودريش المختص في الصحة العمومية، عن أن معدل الإصابة بسرطان عنق الرحم في الجزائر بلغ 25 %، موضحا أن النوع الفيروسي لهذا السرطان المنتشر في مجتمعنا هو ‘أش بي في' 16 و18، بمعدل وصل إلى 70 % من حالات الإصابة بسرطان عنق الرحم، ودعا إلى الاهتمام البالغ بالنظافة وإيلاء عمليات التعقيم في الحمامات الشعبية والمراحيض العمومية أهمية قصوى. قدم الدكتور أحمد بودريش مداخلة قيّمة خلال الورشات الأولى لطب النساء والتوليد بالمدرسة العليا للأعمال بالعاصمة، أوضح خلالها أن سرطان عنق الرحم يتسبب سنويا في وفاة 500 ألف امرأة، 80 % منهن يعشن في البلدان النامية، مذكرا بتقديرات المنظمة العالمية للصحة التي تشير إلى أن نسبة الوفاة به سترتفع خلال السنوات ال 10 القادمة ب 25%، بسبب التكلفة الكبيرة لبرامج العلاج المبكر التي لا تتوفر في البلدان النامية والفقيرة من جهة، وإغفال طرق الوقاية، منها إجراء الفحوصات المبكرة التي يمكن عن طريقها إبعاد الإصابة بهذا النوع من السرطان بنسبة قد تصل إلى حدود ال 100%. تكمن أسباب الإصابة بسرطان عنق الرحم، حسب المختص، في الإصابة بانتانات عُنقية وفيروسات، لعل أهمها فيروس الورم الحليمي البشري ‘أش بي في'، خاصة النمط 16 و18 الذي ينتقل عن طريق العلاقة الجنسية ويبقى غير نشط لعدة سنوات قبل أن يصبح نشطا ويبدأ في التأثير في خلايا عنق الرحم، كما أن هناك النوع 31 من هذا الفيروس. ”هذه الأنواع الثلاثة من فيروسات ‘أش بي في' تمثل في الجزائر نسبة 70 % من أنواع الإصابات بسرطان عنق الرحم، لكن هذا لا يعني انعدام أنواع أخرى منه، حيث تتحدث المعلومات العلمية عن وجود حوالي 200 نوع من فيروسات سرطان عنق الرحم، لكن الانواع الثلاثة التي ذكرناها هي الأكثر انتشارا في مجتمعنا، بل في العالم أجمع، حيث يحصي كل سنة وفاة حوالي نصف مليون امرأة بسبب هذا السرطان”، يوضح المختص. ولأن الوقاية تبقى دائما أفضل علاج، فإن المختص تحدث عن أهمية النظافة الشخصية ومعالجة الانتانات المهبلية بشكل جيد، حيث أصر على عدم إهمال معالجة الالتهابات البولية التي تحدث بشكل كبير لدى النساء. كما طالب الجهات المعنية بأهمية التعقيم الجيد للحمامات الشعبية التي قد تكون عاملا من عوامل نقل الإصابة، إلى جانب المراحيض العمومية والمسابح. في السياق، شدد المختص على أهمية ”قيام الجهات المتخصصة ومنها مكاتب الوقاية على مستوى البلديات، بالتنسيق مع مديرية الوقاية بوزارة الصحة، على الإشراف على عمليات جمع العينات من هذه الأماكن تحديدا لتحليلها ومعرفة مدى احترام قوانين النظافة التي لا بد أن تكون صارمة بها”. من جهة أخرى، يعتبر الدكتور بودريش أن بعض موانع الحمل، مثل الحبوب، يمكن أن تكون عاملا آخر محفزا للإصابة بسرطان عنق الرحم، مذكرا أن خضوع سيدة لحبوب منع الحمل لمدة تزيد عن ال 7 أو ال 8 سنوات، يكون خطر الإصابة لديها مرتفعا، واعتبر أنه من الضروري بالنسبة للنساء في سن الإنجاب القيام بتنظير عنق الرحم بشكل مبكر والخضوع لفحص طبي سنوي، ”فنحن كمختصين ننظر دائما إلى التشخيص المبكر كونه الحل الأمثل والدائم على الإطلاق”. وفي معرض مداخلته التي أسهب فيها المختص في الحديث عن سرطان عنق الرحم في العالم، تحدث عن اللقاح المضاد لسرطان عنق الرحم في الوقاية من العدوى الناجمة عن نمطي فيروس الورم الحليمي البشري 16 و18 اللذين يتسببان في نحو 70% من سرطانات عنق الرحم، موضحا أنه لقاح كفيل بإنقاذ حياة مئات آلاف النساء سنويا، ”لكن التكلفة العالية له تتطلب تخصيص برنامج حكومي لتمويل عملية تحصين النساء من سرطان عنق الرحم”. شدد المختص في نهاية مداخلته على عامل الوقاية، وألقى بالكرة إلى مرمى النساء أولا، من خلال التشديد على النظافة الشخصية من جهة، وإلى مرمى أخصائييّ طب النساء والتوليد من جهة أخرى، داعيا هؤلاء إلى تكثيف الوعي بأهمية إجراء فحص مسح عنق الرحم (الفروتي) الذي يؤخذ من عنق الرحم أو مدخل الرحم ويمكّن من كشف الخلايا ما قبل السرطانية قبل أن تتغير وتتحول إلى ورم خبيث، بفترة كافية تصل إلى 10 سنوات كاملة. ونصح النساء تحديدا بالإقبال على إجراء هذا الفحص بعد 3 سنوات من أول علاقة جنسية، مع مراعاة إجرائه لعنق الرحم مرة سنويا قصد الاستفادة من فرصة العلاج قبل الوصول إلى مرحلة الخلايا السرطانية.