أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، وجود أطراف أجنبية تحاول زرع الفوضى في الجزائر من خلال التسويق ل«ربيع جزائري”، مضيفا أن هذه الأطراف ذاتها هي التي فتحت عدة جبهات على الحدود الجزائرية انطلاقا من ليبيا، تونس ومالي تقودها جماعات متشددة. جاء تصريح لافروف خلال زيارته إلى تونس، حيث حذر الجزائر “من أن تقوم هذه الأطراف باستخدام نعرات الأقليات في هذا البلد كنواة لإحداث الفتنة”، مشيرا إلى أن بلاده تتابع عن كثب آخر التطورات الحاصلة في منطقة شمال إفريقيا والساحل. وبرر لافروف محاولة هذه الأطراف زرع الفتنة في الجزائر لكونها دولة محورية في المنطقة، إلى جانب أنها تحوز على ثروات كبيرة مما يجعلها محل أطماع أجنبية، مشيرا إلى أن الغرب يسعى إلى الاستثمار في الحراك الاجتماعي والأقليات الموجودة في الجزائر، إلى جانب تجنيد الجماعات الإرهابية لضرب الحدود في محاولة لإغراق الحكومة في أزمات سياسية، اجتماعية وأخرى أمنية، داعيا السلطات الجزائرية إلى أخذ الحيطة والحذر والوقوف في وجه المخططات الغربية الدنيئة. وأبدى الوزير الروسي قلقه من الأطماع الغربية التي أضحت تضع شمال إفريقيا والساحل تحت المجهر، وتتحجج بالانفلات الأمني وانتشار الجماعات الإرهابية التي تهدد مصالحها في المنطقة، خصوصا أن المصالح الروسية لطالما تعارضت مع المصالح الغربية بالأخص منها الأمريكية، حيث أن الطرفين ينظران إلى شمال إفريقيا والساحل كمصدر خصب للثروات تستفيد منه لأعوام طويلة. ويأتي تصريح الوزير الروسي في سياق الحركية التي تعرفها الساحة السياسية الوطنية مع قرب تنظيم الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها يوم 17 أفريل القادم، والتي تأخذ في بعض الأحيان أبعادا خطيرة من خلال تصريحات بعض الأطراف التي تستغل ورقة الانتخابات لزرع الفوضى وإثارة الشكوك مقابل خدمة مصالحها الضيقة. وإذا كانت هذه الأطراف تستبعد في كل مرة وجود مؤامرات خارجية تستغل الحراك الاجتماعي في البلاد لتحقيق مآرب سياسوية، فإن شهادة لافروف التي تعد اعترافا من مسؤول في دولة صديقة للجزائر، تدحض كل محاولة لاستبعاد اليد الخارجية إزاء ما يجري في الشؤون الداخلية للبلدان العربية، ولعل ما تعيشه هذه الدول من أوضاع غير مستقرة على إثر ما يسمى ب”الربيع العربي” لدليل على ذلك، وهو ما يهدف إلى إدامة الفوضى وتحقيق مصالح استراتيجية. فاليد الخارجية لم تعد حجة أو مبررا للتغطية على ما يجري من أحداث في بعض الدول في ظل الصراع على المصالح في المناطق التي تزخر بثروات كبيرة، بل أصبحت حقيقة جلية على ضوء ما يحدث في منطقة الساحل والذي يعكس التوجه الجديد للنظام العالمي الذي يواجه ظروفا اقتصادية ومالية صعبة. وليس غريبا أن تسترعي الجزائر اهتمام بعض الأطراف الخارجية بالنظر إلى الثروات الطبيعية والإمكانيات الاقتصادية التي تزخر بها في ظل تحسن الظروف الأمنية واستتباب الأمن بعد سنوات الإرهاب الهمجي، وهي المعطيات التي صنعت الاستثناء وتصدت لموجة الربيع العربي الذي لم تفلح نسماته في عبور حدود الجزائر رغم محاولات جرها إلى مستنقع لم تخرج منه إلا بصعوبة كبيرة وبإرث كبير من الآلام والجراح. ولهذا، فإن تحذير وزير الخارجية الروسي ليس جديدا لأنه سبق للمسؤولين الجزائريين أن حذروا من الوقوع في فخ مثيري الفتنة باسم الديمقراطية ونحن على مقربة من الانتخابات الرئاسية، حيث نشير في هذا الصدد إلى الرسائل التي بعث بها رئيس الجمهورية في مناسبات عدة، يدعو فيها الشعب الجزائري إلى تفويت الفرصة على المتربصين بأمن واستقرار البلاد من خلال الإقبال بقوة على صناديق الاقتراع لاختيار الشخص الأصلح. والحقيقة أن الجزائر كثيرا ما عاشت سيناريوهات مماثلة عند اقتراب كل موعد انتخابي، حيث تستغل هذه الأطراف المتعودة على الاصطياد في المياه العكرة الفوضى لتمرير أطروحاتها، غير أنها كثيرا ما كانت تفشل في رهاناتها، فعلى الرغم من الاحتجاجات الاجتماعية في قطاعات كالصحة والتعليم ومحاولات زرع الفوضى في بعض مناطق البلاد لإثارة النعرات، كما كان الحال في منطقة القبائل وحاليا في ولاية غرداية، إلا أن ذلك لم يسهم سوى في تعزيز وحدة الشعب الجزائري.